حثت منظمة العمل الدولية وهي إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، 10 تموز 2024، على إجراء إصلاحات شاملة لنظامالتقاعد في العراق الذي وصفته بأنه "شديد التجزؤ وغير منصف وغير فعال".
وذكر تقرير للمنظمة، أنه "على الرغم من الإصلاحات القانونية المهمة التي أجراها العراق، فإن ضعف التنفيذ وعدم التناسق بين القطاعينالعام والخاص يجعلان نظام المعاشات التقاعدية الحالي في العراق شديد التجزؤ وغير منصف وغير فعال بشكل كبير".
وتوقع التقرير، "اتساع فجوة تغطية التقاعد بين المسنين بشكل متسارع، ولا سيما النساء خارج سوق العمل والعمالة غير المنظمة"، كما توقعأيضاً، في ظل السياسات الحالية، أن تظل التكلفة المالية الكلية لاستحقاقات التقاعد العامة والخاصة والممولة من الموازنة قريبة من 4 فيالمائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي على مدار العقود الثمانية القادمة".
وتابع "ستظل النفقات المالية على استحقاقات التقاعد تفيد بدرجة غير متناسبة العمالة المنظمة الأيسر حالاً نسبياً، المشاركين في البرامجالقائمة على الاشتراكات العامة والخاصة. ومن ثم، فإن النظام الحالي ينشئ مجالات تنافس غير متكافئة بين القطاعين العام والخاص، مايساهم في توسع الخدمة المدنية المتضخمة فعلاً، ويعرقل التنوع الاقتصادي ونمو القطاع الخاص مع شدة الاحتياج إليه".
ولفت التقرير الى أن "مذكرة السياسات "نحو نظام معاشات تقاعدية شامل ومنصف ومستدام في العراق"، التي نشرها كلٌ من صندوقالنقد الدولي ومنظمة العمل الدولية والبنك الدولي، تؤكد على الحاجة إلى إجراء إصلاحات شاملة لنظام المعاشات التقاعدية في العراق تعززإنصاف البرامج القائمة على الاشتراكات وكفايتها واستدامتها، مع توسيع نطاق الحماية ليشمل الفئات المستبعدة ولاسيما النساء".
وأُعدت هذه المذكرة انطلاقاً من الشراكة العالمية بين منظمة العمل الدولية وصندوق النقد الدولي في مجال الحماية الاجتماعية لتحقيق أهدافالتنمية المستدامة وغاياتها، وخاصة الغايتين 1-3 و3-8، من خلال ضمان التمويل الكافي والمستدام لأنظمة الحماية الاجتماعية، بما فيذلك الحدود الدنيا للإنفاق الاجتماعي، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية ليشمل الجميع، حيث اعتُبر العراق أحد البلدان الرائدة في هذاالصدد.
ولمعالجة أوجه الخلل في نظام المعاشات التقاعدية الحالي وتمهيد الطريق نحو حل أكثر استدامة وإنصافاً لحماية الدخل في سنالشيخوخة، توصي هذه المذكرة ببعض الإصلاحات البارامترية انطلاقاً من اعتبارات عدة. تهدف هذه الإصلاحات إلى تعزيز الإنصاف بينالأجيال وبين أبناء الجيل الواحد، والحد من تشوهات سوق العمل، وتعزيز استدامة نظام المعاشات التقاعدية الوطني، وكبح العجز لدىصندوق تقاعد موظفي الدولة قبل أن تصبح مسألة تمويله بعيدة المنال، وذلك من أجل تخفيف العبء المالي بشكل كبير. وكذلك تهدفالإصلاحات إلى تحسين كفاية الاستحقاقات والتغطية، ومنع تراكم العجز في القطاع الخاص على المدى الطويل، وتوجيه دعم الاشتراكاتلفئات العمالة الأكثر ضعفاً، وضمان مواءمة بارامترات المعاشات التقاعدية فيما بين القطاعات.
وتهدف الإصلاحات المقترحة إلى تحقيق عدة أهداف مترابطة. أولاً: تهدف هذه الإصلاحات إلى توسيع تغطية عمال القطاع الخاص، وتضمنوجود حوافز للاشتراك في برامج التقاعد خلال مدة العمل، وتعزيز المشاركة الاقتصادية والتحول إلى الاقتصاد المنظم.
في الوقت ذاته، تستهدف الإصلاحات ضمان توافق معدلات استبدال الدخل بشكل أكبر بين القطاعين العام والخاص وبين فئات المتقاعدينمستقبلاً. وهذا أمر بالغ الأهمية للعراق تحديداً حيث أن التفاوتات الكبيرة في الاستحقاقات فيما بين القطاعين تؤثر سلباً على تنقل العمالةونمو القطاع الخاص.
وكذلك فإن الإصلاحات المقترحة ستحد بدرجة كبيرة من التكاليف المالية الكلية لنظام المعاشات التقاعدية، وفي الوقت نفسه تعيد تخصيصالأموال العامة لتوسيع حماية التقاعد بما يشمل الشرائح السكانية الأكثر ضعفاً. ومن المتوقع أن يؤدي تنفيذ الإصلاحات البارامترية المقترحةإلى تقليل التكاليف المالية لتصل إلى 0.7 في المائة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2075، ثم إلى ما بين 0.1-1 في المائة منالناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2100. كما تتيح الإصلاحات مقايسة المعاشات التقاعدية بإنتظام لضمان كفاية الاستحقاقات مع مرورالوقت. قد يكون تبني الإصلاحات البارامترية وحدها لكلا البرنامجين غير كافٍ تماماً لضمان المساواة في نظام المعاشات التقاعدية علىالمدى الطويل. وبمرور الوقت، قد تؤدي الضغوط السياسية المختلفة إلى تباين البارامترات، وهو ما قد يؤدي إلى عودة ظهور عيوب النظامالحالي. ويمكن معالجة هذا الخطر من خلال الجمع بين الإصلاحات البارامترية والإجراءات الرامية إلى الحد من التجزؤ المؤسسي إما منخلال التكامل الجزئي أو المواءمة.
ولسد فجوة التغطية في حماية دخل المسنين، نقترح في هذه المذكرة بعض الخيارات لتصميم معاش تقاعدي غير قائم على الاشتراكات ضمنالركيزة صفر. الخيار الأول هو المعاش التقاعدي الشامل غير القائم على الاشتراكات، الذي بموجبه يحق لجميع الأفراد فوق سن محددالحصول على معاش تقاعدي، بغض النظر عن مستوى دخلهم، أو تلقيهم أي شكل آخر من أشكال دعم الدخل، أو أي معايير أخرى. أماالخيار الثاني فهو المعاش التقاعدي غير القائم على الاشتراكات على أساس اختبار المعاش، ويُمنح لجميع الأشخاص في سن الشيخوخة،بإستثناء أولئك الذين يتلقون معاشاً تقاعدياً قائماً على الاشتراكات للعاملين في القطاعين العام والخاص. وأما الخيار الثالث فهو المعاشالتقاعدي غير القائم على الاشتراكات على أساس اختبار المعاش والثراء ويستهدف تغطية "الوسط المفقود". سيتم استخدام نطاق أوسع منالدخل أو الأصول يُحدد على أساسه الأشخاص ذوو الدخل المرتفع أو الأثرياء، الذين سيتم استبعادهم من البرنامج غير القائم علىالاشتراكات، إلى جانب أولئك المستبعدين بموجب اختبار المعاش.
ولضمان فاعلية برنامج المعاش التقاعدي غير القائم على الاشتراكات، يجب أن يراعي المبادئ الأساسية المنصوص عليها في المعايير الدوليةللضمان الاجتماعي، بما في ذلك اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102. أولاً، يجب أن تكفل قيمة المعاش غير القائم على الاشتراكات "حياةكريمة" لأسرة المستفيد. وفي جميع الخيارات الموضحة، يُقترح أن تُحدد قيمة التحويل على أساس نسبة ثابتة. ومن الضروري أيضاً إجراءتعديلات منتظمة على مستوى المعاشات التقاعدية لضمان مواكبتها ارتفاع تكاليف المعيشة. ثانياً، من المهم للغاية ضمان إمكانية التنبؤبالمدفوعات، وهو ما يعني أنه ينبغي تقديم المدفوعات بانتظام لتمكين الأسر المستفيدة من وضع الميزانية والتخطيط بشكل فعال.