بين نداء المرجعية ولهيب الاقتتال في الشام.. قصة وطن اختار الحياة على الموت المجاني
معلومات استخبارية وتحركات داخلية مشبوهة تمهد لمخطط صهيوني-غربي لإعادة رسم المشهد في العراق
مخطط غربي _ إسرائيلي لإسقاط النظام في العراق.. ضربات وشيكة وفوضى عارمة
تصاعد الغضب الشعبي في الإقليم.. دعوات نيابية لانتفاضة نيابية شعبية وحكومة إنقاذ وطني
شركة فرنسية تقتنص عقودًا بقيمة تفوق 130 مليون دولار لتوسيع إنتاج النفط في العراق
في الوقت الذي تتوالى فيه مشاهد الاقتتال الداخلي على الساحة السورية، وتشتعل فيها الجبهات بين فصائل متصارعة على الهوية والانتماء والمذهب وتُزهق فيه الأرواح على مذابح الطوائف في مشهد يعيد إلى الذاكرة أهوال حلب والرقة وإدلب، حيث اختلطت الجغرافيا بالدم، وغابت ملامح الدولة تحت رايات متطرف ، يُعاد إلى الواجهة سؤال ملتهب: كيف سقطت دول عديدة تحت نار الهوية، ونجا العراق من محرقة مماثلة؟
لكن في العراق، وعلى الرغم من الهجمة الأخطر التي واجهها عام 2014 حين تمددت عصابات داعش الإرهابية، لم تسقط البلاد في فخ الفوضى والاقتتال الداخلي، بل نهضت من قلب الخطر بفضل موقف لا يُنسى، نداء المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله)، الذي غيّر مجرى الأحداث.
ففي 13 حزيران من ذلك العام، صدح صوت المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بنداء حاسم، حين دعت كل القادرين على حمل السلاح للدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته، ذلك النداء الذي تحوّل إلى فتوى تاريخية، لم تُنقذ العراق من قبضة الإرهاب فقط، بل من منزلق الاحتراب الطائفي الذي أُريد له أن يشعل البلاد من شمالها إلى جنوبها.
ومن رحم الفتوى، وُلد الحشد الشعبي، ذاك التشكيل الشعبي ـ الوطني الذي لم يكن مجرد قوة عسكرية، بل كان درع الوحدة الوطنية، ومانع الانهيار، وصوت التلاحم الشعبي في مواجهة الفوضى المذهبية.
"لولا الفتوى المباركة، لكان مصير بغداد كمصير الرقة، ولكانت نينوى اليوم مثل درعا"، هذا ما يصرح به النواب الوطنيين في البرلمان العراقي، مستنكرين في الوقت ذاته محاولات البعض نسيان هذا الدور أو تهميشه.
ففي الوقت الذي تحترق فيه الشام اليوم بصراعات داخلية لا نهاية لها، يسترجع العراقيون صورة بلدهم في أسوأ لحظاته، يوم كان على شفا حرب أهلية لولا تماسك المرجعية والشعب معاً.
تجربة العراق بعد 2014 ليست قصة من الماضي، بل درس حيٌ لكل من يتهاون بأهمية الوحدة والقيادة الرشيدة والولاء للأرض، وكان الحشد الشعبي، الذي تشكل من مختلف المكونات، خير رد على مشروع الفتنة، وأصدق تعبير عن عراق لا يُهزم حين يكون موحداً.
ليس ما يجري في سوريا الآن مجرد أزمة سياسية أو صراع مصالح، بل هو مرآة لما كان سيحدث في العراق لولا ذلك النداء المبارك، وتلك الدماء الطاهرة التي افتدت الوطن، ورغم محاولات البعض لتغييب هذه الحقيقة أو التقليل من شأنها، تبقى الوقائع ناطقة، فسوريا اليوم لا تختلف كثيرًا عن عراق الأمس في ملامح الخطر، لكن الفرق الجوهري كان في استجابة العراقيين للنداء، ووحدة الصف، والتفافهم حول مرجعيتهم، في وقت كانت فيه دول أخرى تتشرذم.