"مواطنون يدفعون الثمن".. قرار جمركي جديد يشعل أسعار السيارات ويُرهق الميزانيات

11:30, 3/06/2025
1 203

بدأت الحكومة العراقية بتطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 270 و180 لسنة 2025، القاضي باعتماد تسعيرة جمركية جديدة للبضائع والعجلات، في خطوة تهدف إلى زيادة الإيرادات المالية وتنظيم عمليات الاستيراد، إلا أن هذه الخطوة أثارت موجة من القلق والاستياء في الشارع العراقي، بسبب تداعياتها المباشرة على أسعار السيارات وتكاليف المعيشة.

 

دخلت التعريفة الجمركية الجديدة حيّز التنفيذ في عدد من المنافذ والطرق الحيوية، أبرزها سيطرات كركوك، ومنفذي جيمن ودارمان على طرق أربيل – كركوك وسليمانية – كركوك، بالإضافة إلى تطبيق القرار في جميع المنافذ الجمركية بمحافظات العراق، بما في ذلك إقليم كردستان.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

وبحسب الهيئة العامة للجمارك، فإن العمل يتم الآن وفق آلية جديدة لتقدير الرسوم الجمركية، تستند إلى السعر الفعلي للبضائع كما هو مثبت في الفواتير التجارية الرسمية أو وفقًا لنظام "الإسكدوا" العالمي، بدلاً من الاعتماد على القيم التقديرية الثابتة السابقة التي كانت تُحتسب بـ1% أو 5%.

 

تفاصيل القرار وتأثيراته المباشرة


يهدف القرار إلى توحيد الإجراءات الجمركية، ومكافحة التلاعب في تقييم البضائع، خاصة تلك الواردة من المنافذ الشمالية، بحسب بيان الهيئة. لكنّ أبرز ما أثار الجدل هو رفع نسبة التعرفة الجمركية على السيارات بنسبة تصل إلى 50%، ما يعني عمليًا ارتفاع الرسم من 15% إلى 22.5%.

 

ولتبسيط التأثير:

 

إذا كانت السيارة تُستورد بسعر 10,000 دولار، فوفق النظام السابق كانت تُباع بـ11,500 دولار بعد الرسوم.

 

أما الآن، وبعد رفع التعرفة، ستُباع بـ12,250 دولار، أي بزيادة قدرها 750 دولارًا، ما يمثل ارتفاعًا نسبته 6.5% تقريبًا.

 

هذا الفارق قد يبدو بسيطًا نظريًا، لكنه مرهق واقعيًا في بلد يواجه تحديات اقتصادية كبيرة، ومعدلات بطالة مرتفعة، وتضخّم متزايد في أسعار السلع والخدمات.

 

استياء في الشارع


أثارت هذه القرارات غضبًا في الأوساط التجارية والشعبية، حيث عبّر التجار والمستوردون عن استيائهم من الزيادة، مؤكدين أنها سترفع تكاليف الاستيراد بشكل كبير، وتؤثر على القدرة الشرائية للمواطن.

 

ويقول أحد مستوردي السيارات في بغداد، إن "القرار غير مدروس. بدل ما تسهّل الحكومة على الناس امتلاك سيارة، صعّبتها. الكثير من العوائل لن تقدر على الشراء، خاصة مع انهيار العملة وارتفاع الأسعار في كل شيء."

 

ويضيف: "السيارات بالأصل غالية، واليوم صار من المستحيل نشتري وحدة جديدة. الحكومة لازم تفكر بالناس الفقيرة قبل ما تطبق هيچ قرارات."

 

تحذيرات من ركود

 

من جانبهم، حذر مراقبون اقتصاديون من أن القرار قد يؤدي إلى حالة من الركود في سوق السيارات، وهو ما ينعكس سلبًا على حركة السوق وقطاع النقل الخاص، بل وعلى خدمات الأجرة وسيارات الأجرة الحديثة التي تعتمد على التجديد الدوري لأسطولها.

 

ويُخشى أيضًا أن تؤدي هذه الخطوة إلى عودة التهريب والطرق غير الرسمية لجلب السيارات بطرق مخالفة، مما يفتح أبوابًا جديدة للفساد ويقوض جهود الحكومة في التنظيم الجمركي.

 

مطالب بمراجعة القرار

 

وفي ظل هذه الأوضاع، تتصاعد الأصوات المطالبة بإعادة النظر في القرار أو على الأقل تأجيل تطبيقه أو تقسيمه إلى مراحل تدريجية، لتقليل أثره على المواطن والاقتصاد المحلي.

 

وقد دعت بعض الجهات البرلمانية والاقتصادية إلى مراجعة فورية للقرار، مشددة على ضرورة تحقيق التوازن بين زيادة الإيرادات وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصًا في وقت يعاني فيه العراق من تحديات معيشية متراكمة.

 

وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى ضبط المنافذ وتوحيد الإجراءات الجمركية لزيادة إيراداتها، يبدو أن المواطن، مرة أخرى، هو من يدفع الثمن. وبين طموحات الإصلاح المالي وحقيقة الأوضاع الاقتصادية الهشة، يبقى السؤال معلقًا: هل يمكن تحقيق الإصلاح دون سحق الطبقة المتوسطة والفقيرة؟