موازنة 2025.. ورقة ضغط سياسية على طاولة انتخابية "ملتهبة"!

17:17, 11/06/2025
1 151

في ظل موسم انتخابي محتدم، تتصاعد المخاوف من تحوّل موازنة 2025 في العراق إلى ورقة ضغط سياسي تُوظّفها الكتل المتنافسة لتحقيق مكاسب انتخابية، على حساب الاستقرار المالي والاقتصادي. فرغم مرور أكثر من نصف عام على انطلاق السنة المالية، لا تزال جداول الموازنة معلّقة بين دهاليز الخلافات السياسية، ما يعطل مشاريع خدمية حيوية ويؤخر صرف الرواتب ويعمق أزمات المواطنين.


ويرى مراقبون أن الأزمة لم تعد إدارية بحتة، بل تحمل أبعاداً سياسية خطيرة، تنذر بتكرار سيناريو تعطيل الموازنات السابقة، وقد تؤثر بشكل مباشر على تشكيل الحكومة المقبلة في حال تأجل إقرارها لما بعد الانتخابات.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



الباحثة الاجتماعية رقية سلمان تؤكد أن الاضطراب في السياسات المالية وتأخر الموازنة يتسبب بتعطيل مشاريع خدمية وتأخير دفع الرواتب، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمات المعيشية وغياب فرص العمل. 


وتشير إلى أن الفئات الضعيفة والطبقة الوسطى تعاني بشكل خاص من ارتفاع الأسعار والإنفاق غير المقرّ رسمياً، ما يهدد التوازن المجتمعي ويعزز مشاعر الإحباط والاغتراب بين المواطنين.


وتوضح سلمان أن تعطيل المشاريع المرتبطة بالموازنة، لا سيما في مجالات التعليم والصحة والبنى التحتية، يرسّخ الفجوة بين المواطن والدولة، ويؤثر على الصحة النفسية والاجتماعية، ويزيد من معدلات الهجرة والبطالة والعنف الأسري، مؤكدة ضرورة تحييد الملف المالي عن الخلافات السياسية.


المحلل السياسي مجاشع التميمي يرى أن تأخير إقرار الموازنة ليس مجرد خلل إداري، بل هو انعكاس مباشر لتحوّل الموازنة إلى ورقة ضغط انتخابي. 


ويضيف أن غياب الاستقرار التشريعي يسمح بتمرير نفقات بلا تخطيط، وحرمان المحافظات من حقوقها، ما يضر بالموظفين والمواطنين على حد سواء.


ويحذّر التميمي من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى غياب موازنة اتحادية في عام 2026 في حال تأخرت عملية تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، ما سيجبر الدولة على الاعتماد على الصرف المؤقت، وفق قانون الإدارة المالية، ويقيد قدرتها على إطلاق مشاريع جديدة أو معالجة أزمات مفاجئة، مما تنعكس هذه المماطلة أيضا على مستوى الخدمات في المحافظات. 


نائب رئيس الأقاليم والمحافظات في البرلمان، جواد اليساري، يشير إلى أن محافظتي المثنى وكربلاء تعانيان من ضعف التخصيصات المالية، نتيجة اعتماد معايير سكانية قديمة في توزيع الأموال، مطالبًا بإعادة النظر في التخصيصات بما يتناسب مع الزيادات السكانية.


من جانبها، ترى عضو لجنة الخدمات النيابية، مهدية اللامي، أن محافظات مثل الديوانية وبابل وصلاح الدين والأنبار تعاني من تراجع شديد في الخدمات نتيجة غياب التخصيصات الكافية، موضحة أن نسب الإنجاز في مشاريع البنى التحتية لا تتجاوز 6% في بعض المناطق، فيما تتواصل الاحتجاجات اليومية للمقاولين في بغداد بسبب تأخر مستحقاتهم.


أما الخبير المالي عبد الرحمن الشيخلي، فيؤكد أن المشاريع كانت مدرجة ضمن الموازنة الثلاثية التي أقرّت بقانون رقم 12 لسنة 2023، غير أن انخفاض أسعار النفط من 70 إلى 55 دولارًا للبرميل تسبب بعجز مالي أجبر الحكومة على إيقاف تمويل المشاريع الاستثمارية.


ويطمئن الشيخلي بأن الحكومة تضمن الرواتب التشغيلية لموظفي الدولة والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية، حتى لو تراجع سعر برميل النفط إلى 40 دولارًا، مؤكدًا أن الأولوية الحالية هي لضمان التزامات الدولة الحيوية في ظل الظروف المالية الراهنة.