الكونغرس الأمريكي يلغي تفويضات حرب العراق.. خطوة تاريخية لإعادة ضبط صلاحيات الحرب
من غزة إلى الخليج.. صواريخ الاحتلال تفضح وهم الحماية الأميركية وابتزاز ترامب للدول
الدوحة تحت نيران القصف الصهيوني.. رسائل عدوانية خطيرة تهدد دول المنطقة
العراق يخطو نحو صناعة السيارات الصديقة للبيئة.. شراكات عالمية وتحفيز محلي
أسطول الصمود.. ملحمة بحرية تتحدى الحصار وتعيد غزة إلى ضمير العالم
في تطور تشريعي يُعدّ الأبرز في ملف السياسة الخارجية الأمريكية خلال السنوات الأخيرة، صوّت مجلس النواب الأمريكي على إلغاء تفويضَي استخدام القوة العسكرية المرتبطين بالعراق لعامي 1991 و2002، وذلك ضمن مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني الذي يرسم سياسات وزارة الدفاع للعام الجديد، بميزانية ضخمة تصل إلى 892.6 مليار دولار.
أما التعديل الأبرز، وهو إلغاء تفويضَي الحرب القديمين، فقد حظي بتأييد واسع من الحزبين، إذ صوّت له 261 نائبًا مقابل 167، بدعم كامل من الكتلة الديمقراطية، إضافة إلى 49 جمهوريًا – أي ما يعادل خُمس أعضاء الحزب الجمهوري.
خلفية التفويضات المثيرة للجدل
تفويض عام 1991 صدر قبيل حرب الخليج الأولى ليمنح الرئيس الأمريكي آنذاك الصلاحية في استخدام القوة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي، فيما جاء تفويض عام 2002 ليبرر غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين. غير أن تأثير هذين التفويضين لم يقتصر على تلك الحروب فقط، بل استُخدما لاحقًا كذريعة قانونية لتوسيع نطاق العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة من دون الرجوع إلى الكونغرس.
ويشير منتقدون إلى أن هذه الصلاحيات المفتوحة منحت الرؤساء الأمريكيين سلطة شبه مطلقة في شن الحروب، وكان أبرز الأمثلة على ذلك لجوء إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى تفويض 2002 لتبرير الضربة الجوية التي قُتل فيها قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في بغداد عام 2020.
انقسام داخل الحزب الجمهوري
اللافت أن هذا التصويت شهد تحركًا نادرًا من بعض الجمهوريين ضد موقف القيادة الحزبية؛ إذ صوّت ثلاثة من أعضاء "تجمع الحرية" – رالف نورمان (كارولاينا الجنوبية)، وتشيب روي (تكساس)، ومورغان غريفيث (فيرجينيا) – لصالح طرح التعديل على التصويت، بناءً على مقترح من النائب الديمقراطي جيم ماكغفرن من ماساتشوستس.
إعادة التوازن بين السلطتين
يرى مراقبون أن إلغاء هذه التفويضات يُمثل خطوة جوهرية في إعادة ضبط العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فيما يتعلق بقرارات الحرب والسلم، ويعيد للكونغرس دوره الدستوري في إعلان الحروب أو رفضها، بعد عقود من تغوّل السلطة التنفيذية في هذا المجال.
ورغم الطابع التقليدي لقانون الدفاع الوطني الذي يحظى عادة بدعم الحزبين، إلا أن دورة هذا العام حملت توترات سياسية غير مسبوقة، بسبب تعديلات مثيرة للجدل أدرجها الجمهوريون، أبرزها قيود على تغطية وزارة الدفاع للرعاية الصحية المرتبطة بتأكيد الهوية الجنسية.
وقد لوّح كبار الديمقراطيين بمعارضة القانون بأكمله إذا أصر الجمهوريون على هذه البنود، وهو ما كاد أن يُفشل تمريره ويُلزم الجمهوريين بالاعتماد على أغلبيتهم الضيقة فقط.
يُذكر أن مجلس النواب كان قد صوّت في عام 2021 على إلغاء تفويض 2002، فيما صادق مجلس الشيوخ عام 2023 على مشروع قانون يلغي كلا التفويضين معًا. ويأتي تصويت هذا الأسبوع كخطوة حاسمة في مسار تشريعي طال انتظاره، ويُعتبر بمثابة إغلاق رسمي لصفحة "حروب العراق" في السجل القانوني الأمريكي.