بين الغياب والدعاية.. البرلمان في "سبات" والولاء الحزبي يطغى على صوت الشعب
أبرزها مجسري تقاطعي درويش وحي الحسين.. أمانة بغداد تعلن توقيع عقود لإنشاء 4 مجسرات
موازنة 2025… تأخير حكومي يهدد الاستقرار الاقتصادي
يجمع بين الاستشعار عن بعد والاتصالات.. إيران تكمل استعداداتها لإطلاق القمر الصناعي المطور "دونماي ١"
هدف عالي.. الحوثيون يعلنون استهداف مواقع اسرائيلية "حساسة" في القدس
رغم التراجع النسبي في معدّلات البطالة العامة في العراق خلال السنوات الأخيرة، ما زالت بطالة النساء تمثّل أزمة حقيقية ومتصاعدة تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، فبينما تشير الأرقام الرسمية إلى انخفاض معدل البطالة من 16.5% في عام 2022 إلى 13% مع بداية عام 2025، إلا أن هذا التحسن لا يعكس الواقع بالنسبة للنساء، إذ تبقى معدلات بطالتهنّ مضاعفة مقارنة بالرجال.
ورغم أهمية هذه الأرقام، إلا أنّ الصمت الرسمي بشأن بطالة النساء، وغياب الخطط المخصصة لمعالجة هذه الفجوة، يعكس تهميشاً مستمراً لدور المرأة في سوق العمل والمجتمع، بحسب ما تؤكده منظمات نسوية وأكاديميون.
واقع مؤلم
في تصريح صحافي، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إنّ “نسب البطالة في العراق تراجعت بشكل عام إلى 13% مع بداية عام 2025، بعد أن كانت 16.5% عام 2022”، مضيفاً أن هذا التراجع يعود إلى "تحسّن في سوق العمل".
لكن الهنداوي لفت في الوقت نفسه إلى تفاوت كبير في نسب البطالة بين الجنسَين، مشيراً إلى أنّ “نسبة البطالة بين النساء تصل إلى نحو 18%، مقابل 9 إلى 10% بين الرجال”، أي ما يقرب من الضعف.
ورغم الإشارة إلى وجود أسباب اجتماعية تحول دون انخراط النساء في سوق العمل، إلا أنّ التصريح الرسمي خلا من أي رؤية واضحة لمعالجة هذه الفجوة، أو استراتيجيات تُمكّن المرأة من أداء دورها الكامل في الاقتصاد.
انعكاسات خطيرة
تصف منظمات نسوية بطالة النساء في العراق بأنها ليست مجرد رقم اقتصادي بل أزمة اجتماعية تنعكس بشكل مباشر على الأسرة والمجتمع، وتولّد تبعات خطيرة.
تقول الناشطة النسوية حنان الزيدي: "عدم توفر فرص عمل للنساء يؤدي إلى تأخّر سنّ الزواج، ويزيد فترات الاعتماد المالي والاجتماعي على العائلة، مما يكرّس الضعف والهشاشة لدى شريحة واسعة من الشابات".
وتضيف الزيدي أن استمرار هذه الأوضاع يترك آثاراً نفسية كبيرة مثل الإحباط والعزلة وفقدان الإحساس بالجدوى، مؤكدة أنّ "خروج المرأة من دائرة العمل لا يعني فقط خسارة شخصية لها، بل خسارة للمجتمع كله".
يصف الأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع، د. رضا العزاوي، بطالة النساء بأنها "أزمة صامتة" لا تلقى الاهتمام الكافي من الحكومة والمجتمع.
ويؤكد العزاوي أن هناك نظرة تقليدية متجذرة في العراق ترى أن عمل المرأة ثانوي وغير ضروري، مما ينعكس على ضعف السياسات الحكومية تجاه تشغيل النساء.
"نحن نخسر كل عام طاقات أكاديمية، ومهارات صحية وتعليمية، لأننا ببساطة لا نتيح للنساء فرصًا متكافئة في العمل. الجامعات تخرّج آلاف الشابات سنويًا، ولكن سوق العمل لا يستوعبهن"، يقول العزاوي.
ويحذّر من أن هذه الفجوة بين الطموح والواقع تؤدي إلى تآكل الثقة بالنظام التعليمي والاجتماعي، وتعميق الإحساس بالهامشية لدى المرأة العراقية.
وسط هذه المؤشرات الخطيرة، تبرز أسئلة ملحّة حول دور الحكومة في التصدي لهذه الفجوة المتفاقمة، هل هناك خطط حقيقية لمعالجة بطالة النساء؟ ما هي السياسات القادرة على إدماجهن في سوق العمل؟ ولماذا لا تُصاغ برامج خاصة تدعم النساء العاملات وتكسر القيود الاجتماعية المفروضة عليهن؟ بالتالي فإن استمرار تجاهل هذه الأسئلة يعني أن نصف المجتمع سيبقى خارج دائرة الإنتاج، ما يُضعف الاقتصاد، ويفاقم التحديات الاجتماعية في بلد يمرّ أساساً بأزمات مزمنة في التنمية والعدالة الاجتماعية.
أزمة بطالة النساء في العراق ليست مسألة نسوية أو حقوقية فقط، بل قضية تنموية ومجتمعية من الطراز الأول. تجاهلها يعني خسارة متواصلة لرأس المال البشري، وتعميق الفجوة بين الجنسين، وإدامة نموذج اقتصادي غير عادل.