تعيش شبكة الاعلام العراقي فترة عصيبة إثر الصراع الدائر على منصب رئيس الشبكة، عقب الخطوات الأخيرة لإقالة الرئيس الحالي نبيل جاسم، بالإضافة إلى الصراع على رئاسة وعضوية مجلس الأمناء في الشبكة.
وبعد 2003 حلت شبكة الإعلام العراقي محل وزارة الإعلام لكنها لم تنجح في لعب دورها الأساسي كصوت للدولة والمواطن، وسط اتهامات بالفساد والتحيز الطائفي والحزبي.
استجواب وعدم قناعة بالأجوبة
واستجوب مجلس النواب الثلاثاء الماضي رئيس الشبكة نبيل جاسم، وبعد ذلك صوت المجلس بالأغلبية على عدم الاقتناع بأجوبته، نظرا لوجود شبهات فساد ومعلومات أخفاها جاسم عن الدولة، بحسب ما أكده النائب المستجوِب رائد المالكي.
وقال المالكي في مؤتمر صحفي إن “رئيس شبكة الإعلام العراقي مارس الاستبداد ولم يمتثل لأمر الاستجواب في البرلمان، وشبكة الإعلام العراقي ينبغي أن تعمل لكل الدولة العراقية لا لجهة دون أخرى”، مؤكدا أن “رئيس شبكة الإعلام العراقي حجب معلومات مهمة عن الشعب والسلطات الرسمية”.
وتابع أن “هناك تزييف للحقائق من قبل رئيس شبكة الإعلام العراقي وهذا أمر معيب ومرفوض، وسنلجأ الى القضاء بشأن تزييف الحقائق من قبل رئيس شبكة الإعلام العراقي”.
وكان جاسم قد تسلم منصبه بناء على تكليف من رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي في عام 2020، وبعد أن تسلم محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة قرر إبقاء جاسم في منصبه، خلال حملته لتغيير رؤساء الهيئات المستقلة والمديرين العامين، في بداية العام الماضي.
إقالات متكررة
وأثيرت الكثير من القضايا ضد نبيل جاسم، وقد قرر مجلس أمناء شبكة الإعلام أكثر من مرة إقالته، لكن جاسم يعود بقرار حكومي ويتم نقض قرار مجلس الأمناء، قبل أن تتم إقالة أعضاء مجلس الأمناء منذ أشهر من قبل البرلمان.
وكشفت مصادر محلية أن شبكة الإعلام العراقي توشك على الخضوع لتغييرات مهمة تبدأ باستبعاد رئيسها نبيل جاسم وتوزيع المناصب مناصفة بين ائتلاف دولة القانون وحركة عصائب أهل الحق.
وكان من المفترض أن تجري هذه التغييرات قبل أشهر، لكن الإطار التنسيقي قرر تأجيلها للانشغال بتشكيل مجالس المحافظات واختيار المحافظين.
صراع على الرئاسة
وسيحصل ائتلاف دولة القانون على منصب رئيس الشبكة، فيما سيذهب مجلس الأمناء إلى حركة عصائب أهل الحق وفق مصادر مطلعة.
المصادر تشير إلى أن "عدد الموظفين المسجلين ضمن الشبكة يبلغ حوالي ثلاثة آلاف وخمسمئة موظف، دون تحديد حجم التخصيصات المالية السنوية التي ترصدها الحكومة للشبكة، لكن حجم تلك المبالغ “هائل جدًا”، على حد وصف صحافيين وإعلاميين على علاقة بالشبكة.
وعلى الرغم من العدد الكبير جدًا من العاملين والتخصيصات المالية الضخمة لشبكة الإعلام، لكنها فشلت في تحقيق تأثير حقيقي في الشارع العراقي، بلعب دور وطني خلال الأزمات التي واجهت البلاد من تفشي الخطاب الطائفي والحرب ضد تنظيم داعش، أو نقل الأحداث بحيادية وسرعة على أقل تقدير.
ولا تعد الشبكة، التي تمتلك إذاعات وقنوات فضائية وصحفا ومجلات، مؤثرة في المشهد الإعلامي العراقي، حيث يعتبر الصحافيون أن أداءها “مخيب جدًا خلال التحديات الكبيرة التي واجهت العراق، وفي الوقت الذي كان فيه العراقيون معتمدين على مؤسسات الشبكة من أجل الوصول إلى حقيقة ما يحصل، أو للبحث عن مصدر يستندون عليه في مواجهة الحرب الإعلامية المتطرفة سواء خلال فترات الحرب الطائفية أو خلال فترة داعش”.
ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، في نوفمبر 2022، بدا من المستحيل استمرار نبيل جاسم؛ إذ أن بقاءه لا يخدم مصالح قوى في الإطار التنسيقي تسعى لاستعادة الإعلام الحكومي بغياب التيار الصدري.
وفي 30 يناير الماضي قرر البرلمان تأجيل استجواب الرئيس الحالي لشبكة الإعلام نبيل جاسم بطلب منه، وفقاً لبيان رئاسة المجلس.
وبحسب المصادر، فإن محاولات قادها رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم لم تكن كافية لمنع استجواب جاسم في البرلمان الثلاثاء الماضي، والمضي في إعلان التغييرات الجديدة في شبكة الإعلام العراقي.
وكان هناك صراع شديد بين ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق للظفر برئاسة الشبكة، وبدأت ملامح هذا الصراع باستجواب مجلس الأمناء ومحاولة الإطاحة بنبيل جاسم، بعد ذلك تم تأجل الأمر بسبب انشغال قوى الإطار التنسيقي بتشكيل مجالس المحافظات واختيار المحافظين، لكن تغيير رئيس الشبكة حسم قبل فترة وجيزة بشكل نهائي.
المرشحون
وهناك اتفاق غير معلن بين ائتلاف دولة القانون وحركة عصائب أهل الحق على أن يكون منصب رئيس شبكة الإعلام العراقي من حصة دولة القانون ويوجد ثلاثة مرشحين مطروحين على طاولة زعيم الائتلاف نوري المالكي، وهم: علي الشلاه وفضل فرج الله (رئيسان سابقان للشبكة) ، ومحمد الحمد، إلا أن محمد الحمد هو الأقرب خصوصاً بعد استقالته من مجلس أمناء هيئة الإعلام والاتصالات.
في المقابل ستذهب رئاسة مجلس أمناء شبكة الإعلام إلى العصائب، والمرشح الأوفر حظاً لهذا المنصب هو سند الحمداني، الذي يشغل حالياً منصب مدير عام قناة العهد ومنصب مدير عام في وزارة النفط.
ويتضمن مجلس أمناء شبكة الإعلام شخصية من دولة القانون واثنين من الموظفين الكبار في الشبكة، فضلاً عن شخصية من المكونات السياسية الأخرى.
وتبدأ التغييرات بعد حسم قضية رئيس الشبكة الحالي نبيل جاسم، على خلفية ملفات عديدة، من بينها ادعاء منحه الأعمال الدرامية لشركة إنتاج واحدة، دون غيرها، وهناك توافق سني كردي على إجراء التغيير في رئاسة شبكة الإعلام العراقي، وإلى حد الآن الاجتماعات مستمرة بين الكتل لحسم الملف.
وعلى الرغم من العدد الكبير جدا من العاملين والتخصيصات المالية الضخمة لشبكة الإعلام، فقد فشلت في تحقيق تأثير حقيقي في الشارع العراقي.
وتمتلك شبكة الإعلام قنوات تلفزيونية مثل العراقية العامة والإخبارية والرياضية، وإذاعة جمهورية العراق، والفرقان، وراديو العراقية، فضلاً عن وكالة الأنباء العراقية وجريدة “الصباح” ومجلة “الشبكة”، بالإضافة إلى معهد التدريب الإعلامي.
تعديل قانون شبكة الإعلام
وسبق أن كشفت لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام البرلمانية عن عزمها تعديل قانون شبكة الإعلام العراقي، وفصل الصلاحيات بين سلطتي مجلس الأمناء وإدارة الشبكة التنفيذية.
كما سبق أن دعت سروة عبدالواحد، عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي، العام الماضي أعضاء المجلس كافة إلى توحيد الموقف في وجه ما أسمته "الحروب والصراعات الشخصية" الدائرة في شبكة الإعلام العراقي منذ سنوات.
وجاء تصريح عبد الواحد بعد موقف مشابه للجنة الثقافة النيابية، التي دعت إلى التريث في إصدار القرار إلى حين تحقيق لجنة النزاهة النيابية في الملف، وأبدت استغرابها من قرار مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، الخاص بإنهاء تكليف رئيس الشبكة نبيل جاسم، معتبرة أنه قرار يخلو من الدقة والصحة فضلاً عن التهمة التي استندوا إليها.
وأضافت "بالرغم من أهمية مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي فإنه يخلو من مكون أساسي من مكونات المجتمع العراقي، ولا يمثل إلا توجهاً واحداً، يعكس حقيقة تكوينه في ظروف غامضة وغريبة من قبل مجلس الوزراء الأسبق، الذي لم يأخذ في الحسبان الشخصيات المهنية والكفاءة، واعتمد المجاملات السياسية في اختيار أعضاء مجلس الأمناء".
وطالبت سروة عبدالواحد بـ"إقالة أعضاء مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، وإيقاف جميع القرارات المتخذة من قبلهم، وفتح تحقيق عاجل بخصوص العقود التجارية وعقود الدراما التي أبرمها هذا المجلس".