كشف تقرير لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن الذراع العسكري لحركة حماس، كان يستعد لهجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل "منذ سنتين وفي سرية تامة"، مشيرة إلى أن "ثلاثة أو أربعة أشخاص فقط" كانوا على علم بتفاصيل المخطط.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع عدد من قيادات الحركة في كل من لبنان وقطر والأردن، إضافة إلى مصادر مقربة من القيادات في غزة، موردة أن أقرب حلفاء الحركة، مثل حزب الله وداعمهم الرئيسي إيران، "لم يبلغوا بالهجوم إلا قبيل انطلاقه".
وبحسب التقرير، تلقى القيادي البارز في حماس صالح العاروري، المقيم في لبنان، مكالمة هاتفية صباح يوم 7 أكتوبر، لإبلاغه بالعملية الوشيكة، وطُلب منه إبلاغ زعيم حزب الله.
وأفادت "لوفيغارو"، بأن فكرة الغزو البري لإسرائيل كانت تلوح في الأفق منذ عامين، كما يؤكد مصدر مقرب من قيادة حماس في الأردن: "المرة الأولى التي سمعت عنها كانت في عام 2021".
غير الصحيفة، تشير إلى التضارب الحاصل بشأن حصول القادة العسكريين للحركة على موافقة نظرائهم السياسيين الذين يتمركز أغلبهم بالخارج، مشيرة إلى أن البعض يتحدث عن أنه جرى التوافق على الهجوم قبل 3 أشهر من شنه، في حين تشير تقديرات أخرى إلى أن يحيى السنوار قرر مع محمد ضيف، رئيس الذراع العسكري للحركة، تنظيم الهجوم.
تعليقا على هذه النقطة، يقول خالد مشعل، القيادي بالجناح السياسي لحركة حماس، لصحيفة لوفيغارو: "لا يمكننا الإجابة بنعم ولا لا".
وبحسب قوله، فإن "استراتيجية حماس التي تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتوفير الحرية للفلسطينيين، تندرج ضمن سياسات الحركة، وكل تفاصيلها العملياتية منوطة بالسلطات العسكرية" للمنظمة، المصنفة على لوائح الإرهاب بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
"استراتيجيات تمويه وأداء عمرة"
وذكرت الصحيفة، أن يحيى السنوار ومحمد ضيف، قاما بـ"تمويهات كبيرة" لتجنب كشف خططهما للهجوم، مشيرة مثلا إلى أن السنوار، أجرى تغييرات صورية في عدد من المناصب القيادية بكتائب القسام، دون أن يتم فعليا تغيير المسؤولين، وذلك بهدف تشتيت انتباه الإسرائيليين وتمويههم بشأن القيادات الحقيقية للتنظيم العسكري.
ونقلت الصحيفة عن "مروان" الذي لم تكشف هويته، وقالت إنه شخصية كبيرة من قطاع غزة، كانت على صلة بيحيى السنوار وعلى اطلاع على تفاصيل داخلية تنظيم، أن استراتيجية التمويه هاته طالت حتى رأس السلطة"، لافتة إلى أن الزعيم الحقيقي لكتائب عز الدين القسام، ليس محمد الضيف، ولا مروان عيسى، الرجل الثاني في القيادة، بل هو محمد السنوار، شقيق يحيى".
ويتابع "مروان" متحدثا عن الضيف، أنه "يمشي على عكاز، لكن رأسه لا يزال يعمل بشكل جيد، حيث يحل المشاكل الداخلية في الفرع المسلح"، مشيرا "هو شخصية محترمة داخل التنظيم، ولكن الذي يحرك الألوية هو محمد الأخ الذي يحميه يحيى".
سرية تامة
وقبل حوالي شهر ونصف من العملية، فرضت حماس السرية على قادتها العسكريين الرئيسيين، وأمرتهم بالحد من اتصالاتهم مع بعضهم البعض.
وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، يقول "مروان" غير المنتمي إلى حماس، إنه فوجئ بملاحظة أن العديد من الشباب، المعروفين بتعاطفهم مع حماس والجهاد الإسلامي، قد ذهبوا لأداء العمرة بالسعودية.
يضيف مروان: "لم أرهم بعد ذلك يعودون.. لقد ذهبوا للتدريب في سهل البقاع في لبنان، أو حتى في سوريا".
وفي الأشهر التي سبقت العملية، "عزل السنوار نفسه عن الفرع السياسي في الخارج، وكان بالكاد يرد على المكالمات الهاتفية من أعضاء الحركة"، حسبما تضيف الصحيفة.
وفي نهاية شهر سبتمبر، اضطر موسى أبو مرزوق، أحد قيادات هذا الجناح السياسي المقيم في قطر، إلى الانتظار عدة أيام قبل أن يتمكن من لقاء السنوار في غزة، وكان اللقاء بين الرجلين عاصفاً، حسبما أكد مصدر في حماس للصحيفة.
لا ثقة بالقطريين
وأورد التقرير، أن علاقات السنوار "كانت متوترة في بعض الأحيان مع حلفائه في قطر"، مستندا على حديث "مروان" الذي يقول إن "السنوار لا يثق كثيرا بالقطريين".
ويورد التقرير نقلا عن مصدر مقرب من حماس في الأردن، قبل الحرب "كانت إسرائيل قد منعت وصول الأموال من قطر إلى حماس"، وعندما وصل سفير قطري إلى غزة ومعه "13 مليون دولار فقط شهريا بدلا من 30 مليوناً المتوقعة، قال له السنوار: "خذ الـ 13 وارجع مع الـ 17 الآخرين كما هو مخطط".