"أرقام مرعبة".. الاقتراض يبتلع موازنات العراق ومستقبل الاقتصاد "غامض"!

اليوم, 17:43
2 690

تتصاعد التحذيرات مع استمرار ارتفاع الدين العام في العراق، حيث تكشف بيانات رسمية ودولية عن اتجاه صعودي مقلق في حجم الديون الداخلية والخارجية، الأمر الذي ينذر بتداعيات خطيرة على استقرار الاقتصاد الوطني.


ويؤكد خبراء أن غياب الشفافية وضعف التنسيق بين مؤسسات الدولة جعلا الملف المالي واحدًا من أكثر التحديات تعقيدًا في السنوات الأخيرة، وأظهرت بيانات نشرها موقع "Trading Economics" الأمريكي أن نسبة ديون العراق إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت إلى 42.9‌% في عام 2024، مقارنة بـ42.1‌% في عام 2023.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



وبحسب التقرير، فإن هذا المعدل يبقى أدنى بكثير من مستويات دول عربية مثل السودان (272‌%) ولبنان (164‌%)، لكنه يسلط الضوء على هشاشة الوضع الاقتصادي العراقي، لاسيما مع استمرار الاعتماد شبه الكامل على العائدات النفطية، وسبق أن أعلن البنك المركزي العراقي أن الدين العام الداخلي واصل الارتفاع مع نهاية حزيران/يونيو 2025 ليصل إلى 87.7 تريليون دينار، بزيادة 2.56‌% عن شهر أيار، و19.5‌% عن عام 2023.


وعزا البنك هذه القفزة إلى زيادة صرف مستحقات الفلاحين التي بلغت 14.8 تريليون دينار بعد أن كانت 12.5 تريليونًا فقط في الفترة السابقة.


وتوزعت الديون بحسب بيانات البنك على حوالات خزينة لدى البنك المركزي والمصارف التجارية (51 تريليون دينار)، وحوالات على حساب وزارة المالية (2.03 تريليون دينار)، إضافة إلى قروض لمؤسسات مالية بلغت 19.1 تريليون دينار.


غياب الموازنة الدقيقة


بدوره، حذر الخبير الاقتصادي عبد السلام حسن من خطورة الاستمرار في هذا النهج، مشددًا على أن "غياب الموازنة الدقيقة يجعل من الصعب معرفة حجم الإنفاق الفعلي أو تقدير مدى الاستفادة من الأموال المصروفة".


وقال حسن، إن "العراق يفتقر إلى نظام اقتصادي موحد، إذ إن كل جهة تعمل بمعزل عن الأخرى، فالإقليم له سياساته المالية الخاصة، فيما تمضي الحكومة الاتحادية بسياسات مختلفة، ما يعمق حالة الفوضى الاقتصادية".


وأضاف أن "غياب الشفافية أفقد المواطن ثقته بقدرة الدولة على دفع رواتب موظفيها شهريًا، خصوصًا مع لجوء الحكومة أحيانًا إلى السحب من صندوق المتقاعدين لتغطية نفقات أخرى، وهو ما يخلّ بالتوازن المالي على المدى البعيد".


إنفاق منفلت


من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي باسم أنطوان أن "تصاعد الدين العام يعود بالدرجة الأولى إلى الإفراط في الصرف الحكومي الذي يتجاوز حجم الإيرادات الفعلية".


وقال أنطوان إن "الاعتماد على العائدات النفطية وحدها يجعل الاقتصاد هشًا أمام تقلبات أسعار الخام، حيث يؤدي أي تراجع في الأسعار إلى انخفاض كبير في الإيرادات وزيادة الحاجة إلى الاقتراض".


وأضاف أن "ضعف الإنتاج المحلي في الزراعة والصناعة والسياحة ساهم في اتساع الفجوة بين ما يستهلكه العراق وما ينتجه، وهو السبب الرئيسي في استمرار تصاعد الديون عامًا بعد عام"، مؤكدًا أن "غياب الانضباط في الإنفاق والانفلات بالصرف يعطل أي إمكانية للسيطرة على الدين".


اقتصاد رهين النفط


ويرى خبراء أن العراق ما يزال رهين أسعار النفط في ظل غياب إصلاحات هيكلية؛ فعلى الرغم من أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي تبدو منخفضة مقارنة بدول عربية وأوروبية، إلا أن هشاشة الإيرادات تجعل أي أزمة نفطية قادرة على تفجير عجز مالي ضخم.


ويرى مختصون أن أخطر ما يحمله ارتفاع الدين العام هو اتساع فجوة العجز المالي وتآكل قدرة الدولة على تمويل الخدمات الأساسية.


ويؤكد اقتصاديون أنه مع تضخم حجم القروض، ستذهب نسبة متزايدة من الموازنة إلى خدمة الدين بدلًا من الاستثمار في البنى التحتية أو دعم القطاعات المنتجة، ما يؤدي في النهاية إلى إضعاف النمو الاقتصادي، وزيادة اعتماد الدولة على الاقتراض المتكرر لتغطية العجز، وهو ما يشبه "حلقة مفرغة" قد تقود إلى أزمة مالية خانقة إذا ما تراجعت أسعار النفط أو تعطلت الصادرات لأي سبب خارجي.