يتصاعد النقاش حول فكرة “الإقليم السني” في العراق بشكل متكرر، لكن مراقبين للشأن السياسي يرون أن هذا الموضوع ليس سوى "زوبعة في فنجان" ، وأنه على الرغم من تضمين الدستور العراقي لعام 2005 فقرة تتعلق بإمكانية إنشاء أقاليم جديدة، فإن الواقع السياسي والتحديات العملية تجعل من هذه الفكرة أمراً صعب التحقيق.
وقال الدكتور قاسم بلشان التميمي، في تصريحات صحفية تابعها "سنترال"، إن “الدستور العراقي عام 2005 كان واضحاً وصريحاً بشأن إقامة الإقليم؛ وهو أن يكون من استفتاء لثلاث محافظات ضمن الإقليم المزمع إطلاقه، بمعنى أن تتحد اصوات جمهور (الأنبار وصلاح الدين ونينوى) على إقامة الإقليم، هذا من جانب، ومن جانب آخر يجب أن تكون هناك رؤية سياسية موحدة بين سياسيي هذا المحافظات تجاه الإقليم، وهذا الأمر صعب جداً في ضوء الخلافات بين السياسيين".
وأضاف التميمي، أن "إقامة إقليم سني بحاجة إلى توافقات سياسيي السنة، وبحاجة إلى توافقات ومباركة خارجية، وقبل هذا بحاجة إلى موافقة وإرادة شعبية عراقية، واعتقد أن الجمع بين كل هذه الأمور صعب ومعقد جداً، لذلك فإن إقامة الإقليم السني والحديث عن هذا الموضوع ليس سوى (زوبعة في فنجان) قياساً إلى الواقع".
من جانبه، يرى المحلل السياسي المستقل، عمر الناصر، أنه “كلما ارتفع منسوب الخلافات السياسية داخل الطيف السياسي السني، انخفض حجم الجمهور المؤيد لهم، مما يستدعي إيجاد سبل طارئة لإعادة التموضع لإعادتهم إلى التخندقات، مما يستدعي الذهاب إلى خلق قضية تثير زوبعة إعلامية من أجل أن تلفت نظر عامة الجمهور لمسائل ثانوية ترفع من ثقة الشارع بالسياسيين الذي أخفقوا في وضع حلول واقعية جذرية على مساس بحاجات المواطن اليومية".
وتابع أنه "على الرغم من أن مسألة الإقاليم هي مسألة دستورية وضمن سقف القانون؛ إلا أنها بطبيعة الحال وضعت بصيغة مناسبة (للكرد فقط) تضمن تماسك الإقليم، وهي بمثابة محط خلاف وتشظي وقنبلة موقوتة للعراقيين العرب، ولذلك إذا أردنا الوقوف على أدق تفاصيلها ستظهر لنا تساؤلات عدة منها: (ماذا سيكون رد فعل الدول الإقليمية من هذا إقامة الإقليم؟)، و(كيف سيواجه الإقليم المزمع إقامته التحديات الداخلية والخلافات التي قد تنشأ بسبب الصراع على زعامته؟)، وكذلك سؤال (ما هي التأكيدات التي تضمن للشارع السني بأن هذا الإقليم سيلبّي ويوفر ويحقق هدف الاستقرار المنشود والتنمية والإعمار؟)".
وختم الناصر بالقول: إن" الأهم من ذلك كله، (ما هو الوزن والثقل السياسي للأصوات التي تطالب بمثل هذه الخطوة؟) التي من المفترض أن تسبقها خطوات سابقة؛ أهمها استفتاء شعبي له معايير وثوابت لا تضرُّ بالمصلحة الوطنية والمرتكزات التي تثبت أركان الدولة".
وبالنظر إلى هذه التحديات، يبدو أن الحديث عن “الإقليم السني” يتطلب نقاشاً أكثر عمقاً وتفصيلاً حول جدواه والآثار المحتملة على العراق ككل، بدلاً من كونه مجرد موضوع يُثار في الأوقات التي تشتد فيها الخلافات السياسية.