التعليم الأهلي في العراق.. تحديات فرض القانون وتأثير "النفوذ السياسي" على جودة التعليم

17:13, 15/02/2025
874

تواجه وزارة التربية العراقية تحديات متزايدة في ضبط المؤسسات التعليمية الأهلية التي شهدت انتشارًا واسعًا في السنوات الأخيرة، مما أسفر عن زيادة كبيرة في المخالفات التي ترتكبها هذه المؤسسات فيما يتعلق بالضوابط والشروط المعتمدة من الوزارة. 

 

وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الوزارة، بما في ذلك الإغلاق المؤقت لأكثر من 100 مؤسسة تعليمية أهلية بسبب مخالفتها للمعايير المعتمدة، إلا أن العديد من هذه المؤسسات تعود لاستئناف نشاطاتها بمجرد إعادة فتح أبوابها، مدفوعةً في غالب الأمر بتحقيق أرباح مالية على حساب جودة التعليم.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

يكمن التحدي الأبرز في قدرة الوزارة على فرض تطبيق القوانين على هذه المؤسسات، خصوصًا في ظل ارتباط بعضها بمستثمرين وأطراف متنفذة سياسيًا وحكوميًا، مما يعيق إمكانية محاسبتها على المخالفات.

 

وفي خطوة حاسمة، أغلقت وزارة التربية العراقية مؤخرًا أكثر من 100 مؤسسة تعليمية أهلية إثر ارتكابها لمخالفات جسيمة للضوابط التعليمية المعتمدة. وأوضح البيان الصادر عن الوزارة أن الإغلاق جاء في إطار حرص الوزارة على ضمان بيئة تعليمية آمنة ومستدامة وفقًا لأعلى معايير الجودة. 

 

وقد تم رصد المخالفات عبر متابعة حثيثة من قبل لجان متخصصة تابعة للمديرية العامة للتعليم العام والأهلي في جميع محافظات العراق، وشملت مدارس ومعاهد ورياض أطفال غير مرخصة.

 

علي الشمري، أحد المسؤولين في لجان الوزارة الرقابية، أكد، أن "العديد من المؤسسات التي تم إغلاقها قد تم تحذيرها عدة مرات، إلا أنها استمرت في ارتكاب المخالفات، مثل التلاعب في نتائج الامتحانات".

 

وأضاف أن "هذه المؤسسات لا تضع مصلحة الطالب في المقام الأول، بل تسعى لتحقيق مكاسب مالية على حساب جودة التعليم".

 

ورغم هذه الجهود الرقابية، أشار الشمري إلى أن "الوزارة تواجه صعوبات جمة في فرض سلطتها بسبب الضغوط المتنوعة التي تمارسها بعض الأطراف المتنفذة".

 

وفي الوقت الذي يعاني فيه التعليم الحكومي من نقص في المباني الدراسية، وكثافة عدد الطلاب في الفصول، ما أدى إلى اللجوء إلى الدوام المزدوج والثلاثي في بعض المدارس، فإن العديد من العائلات تلجأ إلى المدارس الأهلية كبديل، رغم التكاليف المالية المرتفعة، بحثًا عن تعليم أفضل لأبنائها.

 

حامد الغزي، عضو نقابة المعلمين العراقيين، أكد أن "وزارة التربية تجد نفسها عاجزة أمام النفوذ الكبير للمستثمرين في المدارس الأهلية، الذين يرتبطون بشكل وثيق بالجهات المتنفذة في الحكومة"، مبيناً أن "هذه الروابط تمنح هذه المؤسسات حصانة من المساءلة القانونية، ما يعرقل محاولات الوزارة لضبط الوضع". 

 

ولفت الغزي إلى أن "الوزارة على علم بمستوى التعليم المتدني في بعض هذه المدارس، رغم نجاح الطلاب في الحصول على معدلات مرتفعة، ما يعد مؤشرًا على التلاعب في النتائج".

 

من جانبه، قال بسام الجبوري، المشرف في مديرية تربية الكرخ ببغداد، إن المدارس الأهلية أصبحت تمثل عبئًا إضافيًا على النظام التعليمي، حيث استغلت نقص المدارس الحكومية وحاولت تحقيق مكاسب مالية على حساب جودة التعليم. وأكد على ضرورة تكثيف جهود الوزارة لمتابعة هذه المؤسسات وضمان التزامها بالضوابط التعليمية.

 

إلى جانب هذه القضايا، اعترفت وزارة التربية في تصريحات سابقة بنقص حاد في البنية التحتية التعليمية، مشيرة إلى أن العراق بحاجة إلى حوالي 10 آلاف مدرسة لسد العجز القائم، وهو ما قد يستغرق نحو 15 عامًا على الأقل. وأكدت الوزارة أن الدوام الثلاثي ما زال قائمًا في العديد من المدارس في المناطق الجنوبية والريفية.

 

ورغم هذه الصعوبات، تقدم بعض المدارس الأهلية خدمات إضافية مثل الدورات التقوية والوجبات المدرسية، ما يجعلها خيارًا مغريًا لبعض العائلات. ومع ذلك، تبقى تساؤلات قائمة حول تأثير هذه المؤسسات على جودة التعليم في العراق، ومدى قدرة وزارة التربية على مواجهة التحديات الناتجة عن النفوذ السياسي والاقتصادي الذي يحمي هذه المدارس من المحاسبة.