العراق بين أزمات الطاقة واستمرار الاعتماد على الخارج.. نظرة على واقع الكهرباء والغاز

اليوم, 12:20
315

يعتمد العراق بشكل شبه كلي على الوقود الأحفوري في تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، حيث يشكل هذا النوع من الوقود نسبة 99% من مجمل الطاقة المنتجة، مقابل 1% فقط من المحطات الكهرومائية. وبحسب التقرير الإحصائي السنوي الصادر عن وزارة الكهرباء العراقية لعام 2023، بلغت القدرة الإنتاجية للكهرباء في البلاد نحو 17,946 ميغاواط، مرتفعة من 15,937 ميغاواط سُجِّلت في عام 2022.

 

وتصدرت المحطات الغازية قائمة المساهمين في توليد الطاقة الكهربائية خلال العام الماضي، إذ وفرت ما نسبته 34% من إجمالي الإنتاج، بما يعادل 6,113 ميغاواط، على الرغم من انخفاضها مقارنةً بعام 2022 الذي شهد إنتاج 9,056 ميغاواط من ذات المصدر.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

وسجلت المحطات البخارية ارتفاعاً ملحوظاً في الإنتاج، حيث ساهمت بنسبة 22% من إجمالي الكهرباء المنتجة، بقدرة بلغت 7,970 ميغاواط، بعد أن كانت 3,301 ميغاواط فقط في العام السابق، بينما بقيت مساهمة المحطات الكهرومائية ضئيلة للغاية ولم تتجاوز 1%.

 

الاعتماد على الاستيراد لتغطية العجز

 

في ظل تزايد الطلب المحلي على الكهرباء، اضطر العراق إلى استيراد كميات كبيرة من الطاقة من دول الجوار. ووفقاً للتقرير ذاته، بلغ إجمالي ما استورده العراق من الكهرباء خلال عام 2023 نحو 6.83 مليون ميغاواط/ساعة، توزعت عبر خطوط مختلفة تربط البلاد بإيران ومحافظات إقليم كردستان.

 

وكانت الحصة الكبرى من الكهرباء المستوردة عبر الخط الإيراني (ديالى – ميرساد) بواقع 1.63 مليون ميغاواط/ساعة، فيما بلغت الواردات من خط (خانقين – سربيل) نحو 927 ألف ميغاواط/ساعة، ومن (خور الزبير – خرم شهر) 263 ألف ميغاواط/ساعة. كما ساهم خط (العمارة – كوخة) بـ311 ألف ميغاواط/ساعة.

 

أما في المناطق الشمالية، فقد استوردت كركوك نحو 920 ألف ميغاواط/ساعة، ونينوى 645 ألفاً، فيما حصلت بازيان على ما يقارب 1.96 مليون ميغاواط/ساعة، وأربيل على 166 ألف ميغاواط/ساعة. وسُجل مجموع الطاقة المستوردة من إقليم كردستان بنحو 3.7 مليون ميغاواط/ساعة.

 

الغاز العراقي.. وفرة بالاحتياطي وشح بالإنتاج

 

رغم امتلاك العراق المرتبة الـ12 عالمياً من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي، إلا أن ترتيبه في الإنتاج لا يتجاوز المرتبة 40، إذ لا ينتج سوى 3.1 مليار قدم مكعب قياسي يومياً، يُستثمر منها 1.8 مليار قدم، بينما يُحرق أو يُهدر 1.3 مليار قدم مكعب يومياً، أي بنسبة حرق تصل إلى 42%.

 

ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، فإن العراق جاء ثالثاً عالمياً في قائمة أكثر الدول حرقاً للغاز خلال عام 2023، بعد روسيا (28.4 مليار متر مكعب) وإيران (20.4 مليار متر مكعب)، حيث أحرق العراق 17.7 مليار متر مكعب خلال العام ذاته.

 

ورغم وصف وكالة الطاقة الدولية جهود العراق في تقليل حرق الغاز بأنها "بطيئة لكنها ثابتة"، إلا أن التقدم ما زال بعيداً عن تحقيق طموحات أمن الطاقة. ويُعزى ذلك إلى غياب الإرادة السياسية، وضعف البنية التحتية التقنية، إضافةً إلى التركيز الحكومي على تطوير الحقول النفطية على حساب استثمارات الغاز، وفقاً لما ورد في دراسة نشرها مركز البيان للبحوث والدراسات الاستراتيجية عام 2022.

 

استيراد الغاز من إيران

 

بدأ العراق استيراد الغاز من إيران عام 2017، لتغطية عجزه المحلي في توليد الطاقة. وفي آذار 2024، وقّعت الحكومة العراقية عقداً مع طهران يقضي بتجديد استيراد 50 مليون متر مكعب يومياً من الغاز ولمدة خمس سنوات.

 

ومنذ توقيع الاتفاقات الأولى في بغداد والبصرة عامي 2017 و2018، صدّرت إيران ما يقارب 52 مليار متر مكعب من الغاز إلى العراق، بقيمة تقدَّر بـ15 مليار دولار، وفق ما أعلنه نائب وزير النفط الإيراني لشؤون الغاز، مجيد جكني.

 

أزمة مستمرة بحاجة لحلول جذرية

 

تظهر الأرقام والتقارير أن أزمة الطاقة في العراق لا تزال بعيدة عن الحل، في ظل الاعتماد المتواصل على الوقود الأحفوري، واستيراد الغاز والكهرباء من الخارج، وعدم تحقيق خطوات ملموسة في استثمار موارد الغاز المحلية. ويبدو أن غياب التخطيط الاستراتيجي، وافتقار البلاد إلى الإرادة الجادة لتطوير قطاع الطاقة، سيبقي العراق رهينةً للخارج لفترة أطول مما كان متوقعاً.