تنتظر الأوساط السياسية والشعبية عودة مجلس النواب إلى الانعقاد، في ظل تزايد الحاجة لتشريعات حيوية تدعم جهود الحكومة وتواكب التحديات الراهنة، خصوصاً مع اقتراب مناقشة جداول الموازنة العامة. وبينما تؤكد تحركات نيابية ضرورة استئناف الجلسات بأسرع وقت، تبقى الأنظار مشدودة نحو البرلمان ودوره في مواجهة المرحلة المقبلة.
أثر الغياب التشريعي على الاستقرار المؤسسي
تقول النائب سروة محمد رشيد، إن استمرار تعطيل جلسات البرلمان، وإن كان تحت غطاء العطلة التشريعية، يترك أثراً سلبياً واضحاً على العملية التشريعية، وخاصة ما يتعلق بالقوانين المرتبطة بحياة المواطنين اليومية، مثل جداول الموازنة العامة، التي تمثل ركيزة رئيسية للخدمات والتنمية في العراق.
وتضيف: "البرلمان اليوم أمام مسؤولية مضاعفة، في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية. أي تأخير في عقد الجلسات سينعكس على قدرة الدولة في تنفيذ مشاريعها وتأمين المستحقات وتمويل خطط العام الجاري".
جلسات استثنائية على طاولة النقاش
رشيد تؤكد أن هناك تحركات داخل أروقة البرلمان، من رئاسة المجلس والكتل السياسية، بهدف تهيئة الأرضية لعقد جلسات استثنائية، تُخصص لتمرير قوانين ذات أولوية قصوى، وعلى رأسها التشريعات المالية والخدمية.
كما أشارت إلى أن من ضمن أولويات الدورة الحالية قوانين مهمة مثل قانون الخدمة المدنية، والضمان الصحي، وتعديلات قانون التقاعد، إلى جانب حزمة تشريعات ذات بُعد اجتماعي واقتصادي تمس حياة شريحة واسعة من المواطنين.
الفراغ التشريعي وتأثيراته السياسية
في السياق ذاته، حذّرت النائب نيسان زاير من استمرار توقف البرلمان، مشيرة إلى أنه لم يعد مجرد عطلة تشريعية، بل تحول إلى أزمة مزدوجة سياسية وتشريعية تُضعف الأداء الرقابي وتعطل قوانين مهمة.
وأشارت زاير إلى أن بعض القوانين ما تزال معلقة رغم انتهاء اللجان البرلمانية من مناقشتها منذ أشهر، موضحة أن القوانين المرتبطة بالخدمات وإعادة هيكلة المؤسسات والبطالة بحاجة ماسّة إلى حسم.
وأضافت: "لا يمكن للبرلمان أن يبقى غائباً وسط تفاقم الأزمات، ويجب عقد الجلسات بأسرع وقت ممكن لتفعيل الرقابة والتشريع، حفاظاً على المال العام ومصلحة المواطنين".
مرحلة دقيقة تتطلب دوراً فاعلاً
من جانبه، يرى المتحدث باسم ائتلاف النصر عقيل الرديني، أن العطلة التشريعية، رغم كونها منصوصاً عليها في النظام الداخلي، جاءت في وقت حساس، وأثرت سلباً على عدد من مشاريع القوانين المدرجة على جدول الأعمال.
وقال الرديني إن أولويات الجلسات القادمة يجب أن تتضمن قوانين حاسمة، مثل قانون الموازنة، وقانون الحشد الشعبي، فضلاً عن حزمة قوانين خدمية وتنموية تسهم في دعم الأداء الحكومي وتلبية احتياجات المواطن.
وأضاف أن المرحلة المقبلة تتطلب توافقاً سياسياً حقيقياً لتجاوز التعطيل، محذراً من أن استمرار التأخير سيُضعف الاستقرار العام ويزيد من الضغط الشعبي على الطبقة السياسية.
150 مشروع قانون بانتظار الحسم
المحلل السياسي محمد صلاح أشار إلى أن غياب البرلمان عن الانعقاد انعكس بشكل واضح على الدور التشريعي، متوقعاً أن أكثر من 150 مشروع قانون ما تزال معلّقة دون حسم.
وأوضح أن تأخر إقرار الموازنة تسبب بتعطيل مشاريع استراتيجية في الإعمار والخدمات والبنية التحتية، محذراً من أن استمرار التعطيل قد يدخل البلاد في حالة شلل إداري ومالي مع نهاية العام.
وختم صلاح حديثه بالقول: "البرلمان مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى باستعادة دوره الحقيقي، والابتعاد عن الخلافات، والتفرغ لتشريع القوانين والرقابة الفاعلة على الحكومة".