تعطيل الرواتب يفتح أبواب القلق.. الحشد الشعبي بين الإهمال الحكومي و "التدخل الخارجي"
"خسائر موجعة".. إسرائيل تُنهي الحرب بأكبر فاتورة عسكرية في تاريخها الحديث
تأخر الموازنة "يربك" الاقتصاد العراقي.. الأسعار تلتهب والرواتب في دائرة الخطر
البرلمان يستنفر والجيش يراجع دفاعاته.. بغداد تتحرك لمنع انتهاك الأجواء العراقية مجدداً
النفط العراقي في مرمى الأزمة.. تصاعد التوترات الإقليمية يهدد خطط الإنتاج والاستثمار
في مشهد مفاجئ ومقلق، توقف صرف رواتب منتسبي هيئة الحشد الشعبي بعد يومين فقط من إطلاقها، وسط غموض رسمي وتضارب في التصريحات بشأن الأسباب الحقيقية لهذا التوقف الذي يحدث لأول مرة منذ تأسيس الهيئة.
قلق في صفوف المقاتلين.. وتحرك عاجل
وفقاً لمصادر مطلعة، فإن أوساط المنتسبين تشهد حالة من القلق والاحتجاج غير المعلن، وسط تصاعد الحديث عن إهمال حكومي واضح للملف، رغم حساسيته الأمنية والاجتماعية.
في المقابل، أجرى قادة الإطار التنسيقي وقيادات من هيئة الحشد الشعبي اتصالات مكثّفة مع وزيرة المالية ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في محاولة لاحتواء الأزمة قبل أن تتفاقم وتنعكس على الشارع العراقي، لا سيما في ظل حالة الغليان التي يشهدها الشارع أصلاً بفعل الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة.
الهيئة توضح.. والواقع لا يطمئن
وفي أول رد رسمي، أصدرت المديرية العامة للإدارة والمالية في هيئة الحشد بياناً أكدت فيه أن "رواتب المجاهدين مؤمنة بالكامل، ولا توجد أية إشكالات مالية، وأن الصرف سيتم قريباً بعد استكمال الإجراءات الإدارية المعتادة".
غير أن هذه التصريحات لم تُبدّد حالة التوجس، خاصة أن التأخير يتزامن مع خلافات سياسية داخل البرلمان حول مستقبل الهيئة، وسط دعوات لتحويلها إلى وزارة، يقابلها تحفظ دولي وإقليمي على هذا التوجه.
شبهات التدخل الخارجي
في ظل تزايد التعقيدات المحيطة بملف رواتب الحشد الشعبي، أشار مراقبون إلى وجود "تأثيرات وضغوط خارجية"، خصوصاً من الجانب الأميركي، قد تكون وراء تعطيل صرف الرواتب في هذا التوقيت الحرج. ولفت هؤلاء إلى أن واشنطن سبق أن عبّرت عن تحفظات علنية وغير علنية تجاه توسع نفوذ الحشد الشعبي، ومحاولات تحويله إلى مؤسسة أمنية رسمية موازية، وهو ما ترى فيه الولايات المتحدة تهديداً لتوازن القوى في العراق والمنطقة.
ويرى المراقبون أن التلويح بورقة الرواتب قد يكون جزءاً من استراتيجية أميركية غير معلنة للضغط على الحكومة العراقية بهدف كبح أية خطوات لتقنين وضع الحشد أو منحه امتيازات تشريعية دائمة، مثل قانون الخدمة والتقاعد الذي تعثر في البرلمان مؤخراً.
معركة قانونية
يشير مراقبون إلى أن هذه الأزمة قد تكون جزءاً من "معركة قانونية صامتة" تدور في كواليس مجلس النواب والحكومة، خصوصاً مع تعثر تمرير قانون الخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد، وسحب الحكومة للقانون بعد الجدل الذي أثاره، فضلاً عن توقف جلسات البرلمان في أوقات حاسمة لمنع تمرير تشريعات قد تُحرج الحكومة أمام حلفائها الدوليين.
في هذا السياق، قال النائب المستقل هيثم الفهد إن هناك قراراً حكومياً "خفياً" يقف وراء تعطيل جلسات البرلمان حتى لا يُمرر قانون الحشد الشعبي، في خطوة تهدف إلى تفادي التصعيد مع الولايات المتحدة.
الحكومة في قفص الاتهام
وبالنظر إلى تكرار الإشكالات المتعلقة بتمويل وصرف رواتب هيئة الحشد، تطرح تساؤلات جدية حول قدرة الحكومة على إدارة ملف بهذا الحجم والحساسية.
ويرى مراقبون أن استمرار تجاهل الحكومة لمطالب الحشد وتذبذب سياساتها تجاهه، قد يُحدث شرخاً في العلاقة مع جمهور واسع من العراقيين الذين يرون في الحشد رمزاً للمقاومة والاستقرار.
رغم التطمينات الحكومية، فإن ما جرى يكشف عن خلل بنيوي في إدارة ملف رواتب الحشد الشعبي، وربما عن صراع سياسي أكبر من مجرد "خلل فني"، وفي كل الأحوال، تتحمل الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة عن حماية حقوق المقاتلين وضمان استقرارهم، وعدم زجهم في أتون الصراعات السياسية.