السيول في العراق.. حل طبيعي لمشكلة المياه واختبار جديد لإدارة الأزمة

اليوم, 13:02
937

تواجه بعض محافظات العراق تحديات مناخية كبيرة نتيجة السيول المفاجئة مع بدء موسم الأمطار، فيما تبرز مناطق شمال البلاد وبعض المحافظات الشرقية كأكثر المناطق عرضة لتشكل السيول.

وسجلت ناحية زرباطية الحدودية مع إيران في محافظة واسط حالة من الاستنفار الكامل لجميع الدوائر الخدمية، وتحاول السلطات المحلية اتخاذ إجراءات استباقية لتقليل الخسائر البشرية والمادية.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

ويشير خبراء بيئة وطقس، إلى أن السيول الأخيرة كانت فرصة لإعادة النشاط المائي لبعض الأنهار، لكنها لم تكن كافية لتعويض الجفاف المستمر في الاهوار والمناطق الجنوبية.

مواجهة السيول

وفي هذا السياق تقول مديرة ناحية زرباطية، براء فؤاد الزبيدي، إن الإجراءات التي تم اتخاذها شملت تشكيل خلية أزمة لمواجهة الفيضانات والسيول القادمة من الجانب الإيراني، مع استنفار كامل لجميع الدوائر الخدمية.

وتضيف الزبيدي، أن الفيضانات تم توجيهها نحو الأنهار داخل حدود الناحية، وتم استيعاب كمية الفيضان وتوزيعها على الأراضي الزراعية ليتمكن الفلاحون والمزارعون من الاستفادة منها لسقي محاصيلهم، ولا توجد أي خطورة على السكان أو القرى المحلية.

وتوضح أن العمليات تشمل تطهير الأنهار وكيها وفتح أنهر جانبية لإبعاد السيول عن المناطق السكنية والزراعية، مبينة أن كمية الأمطار القادمة من الجانب الإيراني كانت محدودة ولم تسبب أضراراً تذكر.

وكانت وزارة الموارد المائية العراقية، قد أكدت مؤخرا، أن موجة الأمطار والسيول التي اجتاحت البلاد ستسهم بتعزيز الخزين المائي وتغمر الأهوار وتعمل على دفع اللسان الملحي في شط العرب، معتبرة الموجة "فرصة" لتعويض مواسم الجفاف وقلة الإيرادات.

تحذيرات جوية

من جانبه، يقول الراصد الجوي صادق عطية، إن "العراق سيشهد حالات جوية متفاوتة ومتتابعة خلال الشهر الحالي والشهر المقبل، نتيجة استمرار تذبذب الأنظمة الجوية المؤثرة على المنطقة".

ووفقاً لعطية، فإن الغزارة وحدوث السيول لا يمكن الجزم بهما إلا قبل فترة قصيرة من تأثير الحالة الجوية، لأن التنبؤات البعيدة الزمن غالباً ما تكون شديدة التقلب من حيث التوزيع المكاني والتوقيت.

ويتابع قائلاً إن المناطق الشمالية، بما فيها السهول والمنحدرات والأودية، تعد من أكثر المناطق عرضة لتشكل السيول خلال مواسم الأمطار، مشيراً إلى أن إنشاء بعض السدود على مجاري السيول بشكل غير مدروس ساهم في تفاقم المخاطر مسببة انجرافات وخسائر بشرية ومادية في عدد من المناطق.

ويشدد على أهمية التعامل العلمي مع مجاري السيول ودراسة مشاريع السدود والحواجز المائية بعناية لتقليل المخاطر المحتملة خلال الحالات المطرية المقبلة.

الفرصة البيئية

بدوره، يقول الناشط البيئي في محافظة ميسان، مرتضى الجنوبي، إن السيول الأخيرة جاءت نتيجة أول مطرة في الموسم الشتوي، ووفرت جانباً إيجابياً بعد خمسة أشهر من الجفاف.

ويرى الجنوبي، أن السيول ساهمت في إعادة الحياة للأنهار المتفرعة من نهر دجلة، لكنها لم تكن كافية لإغمار الأهوار، معبراً عن أمله في أن توفر السيول المقبلة فرصة لإعادة انعاش الأهوار الجنوبية وتعويض النقص في المخزون المائي.

كما يؤكد أن السيول الأخيرة أعادت النشاط البيئي لبعض المناطق الجافة، مشيراً إلى أن استمرار الاستفادة من هذه الظواهر الطبيعية يعتمد على الإدارة الفعالة لموارد المياه والتنسيق بين الجهات المحلية للحفاظ على المكاسب البيئية.

ويؤكد مرصد "العراق الأخضر"، المتخصص بشؤون البيئة، الحاجة إلى أكثر من 100 مليار متر مكعب من المياه لامكانية اعادة الخزين إلى وضعه الطبيعي في العراق.

وتشتد أزمة الجفاف في العراق على نحو غير مسبوق، بسبب قلّة هطول الأمطار خلال السنوات الماضية نتيجة التغير المناخي، والسبب الثاني يعود إلى تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهري دجلة والفرات، جراء سياسات مائية لإيران وتركيا أبرزها بناء السدود على المنابع وتحويل مساراتها، ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية في البلاد.