تجنب خسارة أكثر من ملياري دولار.. العراق يكسب 32 دعوى دولية
عقارات فاخرة وتحويلات سرية وشركات واجهة.. كيف بنت عائلة بارزاني إمبراطورية مالية في أمريكا؟
محسن المندلاوي.. نهج عقلاني وتجربة برلمانية متميزة رسخت الحضور الوطني في البرلمان
انخفاض طفيف في خامي البصرة متأثراً بالتراجع العالمي
اليوم.. "قمة نارية" بين سيدات العراق والأردن في غرب آسيا للكرة الطائرة
في تحقيق استقصائي أجرته شبكة OCCRP وشركاؤها، كشفت وثائق مسرّبة كيف قامت عائلة بارزاني، التي تتصدر المشهد السياسي في إقليم كردستان العراق، ببناء شبكة شركات عقارية واستثمارية في الولايات المتحدة على مدى عقدين، اشترت من خلالها عقارات تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار، ونفذت صفقات مشبوهة بدعم من شركات محلية مثل Ster Group وGolden Eagle Global. التقرير يطرح تساؤلات حاسمة عن تضارب المصالح، واستغلال النفوذ، والفساد المالي العابر للحدود.
ممتلكات فاخرة خلف ستار الشركات
منذ عام 2005 وحتى 2019، استحوذت شركات مملوكة لأبناء مسعود بارزاني، الزعيم الكردي البارز، على 31 عقارًا في الولايات المتحدة، معظمها في ضاحية ماكلين بولاية فيرجينيا وواشنطن العاصمة، بالإضافة إلى فلوريدا وديترويت. تشمل هذه الممتلكات:
قصر “كازا ديفينا” بقيمة 5.6 مليون دولار اشتراه مصطفى بارزاني، وأنفق عليه لاحقًا أكثر من نصف مليون دولار في أثاث وفنون.
مبنى يضم صيدلية CVS في ميامي بيتش، اشتراه مسرور بارزاني بـ18.3 مليون دولار عام 2019، قبل توليه رئاسة وزراء كردستان بثلاثة أشهر.
شقق ومزارع وممتلكات تجارية أخرى، بعضها مؤجر لسلاسل أميركية مثل Wendy’s.
لتأمين الخصوصية، استخدم الإخوة شركات واجهة مسجلة في جزر فيرجن البريطانية بأسماء مستعارة من فيلم "قراصنة الكاريبي"، مثل "Jack Sparrow Ltd." و"Edward Teague Ltd."، والتي بدورها تملكت شركات أميركية تمتلك العقارات، مما أخفى صلتهم المباشرة بالممتلكات.
شركات واجهة وتحويلات غامضة
تمحور تمويل العقارات والإنفاق الشخصي حول شركتين أساسيتين:
GEGI Management: شركة مسجلة في واشنطن العاصمة، وصفت في وثائق داخلية بأنها "وسيلة لصرف نفقات العائلة"، ومملوكة بالكامل لمصطفى بارزاني.
Golden Eagle Global (GEG): الكيان الكردي وشقيقته المسجلة في ديلاوير، ظهرت كقناة لتحويل أموال من كردستان إلى أمريكا.
تشير مذكرة قانونية داخلية أعدّها المحامي الأميركي جوناثان مور عام 2020 إلى أن ملايين الدولارات تم تحويلها بانتظام من كردستان إلى حسابات GEGI، التي استخدمت لدفع:
ثمن شراء ثلاثة عقارات على الأقل بقيمة تتجاوز 10 ملايين دولار.
فواتير بطاقات American Express "السوداء" الخاصة بمسرور بارزاني وإخوته.
نفقات شخصية مثل مستشفى، مجوهرات، ملابس، و41,000 دولار لوكالة توظيف مربيات.
ستير غروب: ممول خفي أم واجهة مالية؟
Ster Group، التكتل التجاري الضخم الذي تأسس عام 2002 على يد سروار بيداوي، يُشتبه بكونه أحد الممولين الأساسيين لعائلة بارزاني. بين 2008 و2017، أظهرت الوثائق المسرّبة ما يلي:
ما لا يقل عن 18 مليون دولار حُولت إلى شركات عائلة بارزاني.
شركة مرتبطة بستر اشترت عقارًا فاخرًا بقيمة 10.2 مليون دولار في فرجينيا عام 2010، ثم نقلته لاحقًا إلى شركة باسم Cove Hollow دون مقابل.
المحامي مور تواصل مرارًا مع سروار بيداوي لطلب تمويل شراء أراضٍ وممتلكات تجارية، بينها صفقات بقيمة:
1 مليون دولار لشراء أرض 2014
232 ألف دولار لصفقة Wendy’s
3.1 مليون دولار لعقار في ديترويت 2017
محامو بيداوي نفوا أي شبهة فساد، مؤكدين أن التحويلات تمّت كجزء من "تبادل عملات" لصالح عائلة بارزاني، وأنها قانونية بالكامل.
استثمارات بغطاء النفوذ السياسي
تضمنت التسريبات أكثر من 20 مشروعًا تجاريًا كانت شركة Golden Eagle تتوسط فيها بين مستثمرين أجانب وحكومة إقليم كردستان، دون أن تضخ أموالًا خاصة بها، بل تقدم فقط "العلاقات" و"الدعم الإداري".
أبرز هذه المشاريع:
اتفاقيات مع شركة Euroil التركية لبناء مصفاة نفط.
صفقة مع شركة IMOCO المسجلة في بليز لتصدير 30,000 طن نفط شهريًا.
مشاريع لتوريد خوذ عسكرية، طائرات مسيّرة، وإنشاء مصنع ألبسة عسكرية للبشمركة.
رغم عدم وضوح ما إذا كانت هذه المشاريع قد نُفذت، إلا أن الصيغة التعاقدية تعزز فكرة استغلال النفوذ السياسي لتحقيق أرباح ضخمة بدون مخاطر استثمارية.
تضارب مصالح أم فساد منظم؟
وجود علاقات مالية مباشرة وغير معلنة بين شركات تجارية وحكام حاليين في كردستان — بمن فيهم رئيس الوزراء مسرور بارزاني يثير تساؤلات قانونية خطيرة. فالقانون العراقي يُلزم المسؤولين بالإفصاح عن أصولهم وتضارب المصالح، وهو ما لا تظهر أي دلائل على حدوثه في هذه الحالة.
جودي فيتوري، خبيرة في الفساد المالي، قالت: "يبدو أن هناك خلطًا بين الثروة الشخصية والوظيفة العامة"، بينما أضاف ستيوارت بوين، المفتش العام الأميركي الأسبق لإعمار العراق، أن هذا التفاوت بين ثروات السياسيين ومعيشة المواطن الكردي العادي (بمتوسط دخل 500 دولار شهريًا) "يثير الغضب المشروع".
سرية تامة... وصمت مطبق
رغم الأدلة القوية في الوثائق المسرّبة، التزم جميع الأطراف بالصمت:
رفض محامو مسرور بارزاني التعليق على تضارب المصالح، مكتفين بالقول إن "ما من مخالفات قانونية".
تجاهل مصطفى، ويسي، منصور، ومُكسي بارزاني طلبات التعليق.
لم ترد GEG ولا Ster Group على الاستفسارات، ورفض المحامي جوناثان مور الإجابة على أسئلة محددة.
يوثق هذا التحقيق كيف أن شبكة من الشركات العابرة للحدود، والكيانات المسجلة في جنّات ضريبية، واستغلال النفوذ السياسي، قد سمحت لعائلة بارزاني بتحويل ملايين الدولارات إلى أمريكا، لبناء إمبراطورية من العقارات والرفاهية — في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الكردي من أوضاع اقتصادية صعبة، ويفتقر فيه الإقليم إلى الشفافية والمساءلة.