السوداني يُطلق العراق الجديد.. من الحديد إلى الطاقة النظيفة

اليوم, 11:53
1 131

خلال عام 2025، تحوّل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واحد من أكثر الشخصيات نشاطاً على الساحة العراقية، مع سلسلة من المشاريع التي افتتحها بنفسه أو أطلقها ضمن خطة حكومية تهدف إلى تنشيط الاقتصاد، وتحسين الخدمات، وتوفير فرص العمل.

من شمال البلاد إلى جنوبها، كانت الرافعات والمصانع والجسور عنواناً لعام يوصف بأنه عام "المشاريع الكبرى".


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

في بداية السنة، افتتح السوداني ثلاثة مشاريع مهمة دفعة واحدة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، شملت مصنع الضواري للحديد والصلب في صلاح الدين، ومصنع «هيدروجين» لصناعة أدوية الأمراض السرطانية في كربلاء، بالإضافة إلى جسر الفتحة الذي يربط بين محافظتي صلاح الدين وكركوك. هذه الخطوة لم تكن رمزية فقط، بل حملت رسالة بأن الحكومة تسعى لإحياء الصناعة المحلية وتقوية البنى التحتية بعد سنوات من التعثر.

وبعدها بأسابيع، أعلن السوداني عن إطلاق مشروع توليد الطاقة من النفايات في بغداد، وهو الأول من نوعه في العراق بطاقة تصل إلى 100 ميغاواط. المشروع الذي أُقيم في منطقة النهروان يمثل نقطة تحول نحو الطاقة النظيفة، خصوصاً وأنه يجمع بين معالجة النفايات وتوليد الكهرباء في وقت واحد.

أما في الجنوب، وتحديداً في محافظة ميسان، فقد شهدت المحافظة زيارة ميدانية من رئيس الوزراء افتتح خلالها مشروع ماء العمارة الموحّد بطاقة إنتاجية تبلغ 16 ألف متر مكعب في الساعة، ما سيُحسن من واقع المياه في المدينة. كما أطلق أعمال توسعة مصفى ميسان النفطي من 40 ألف إلى 110 آلاف برميل يومياً، وهو مشروع حيوي سيزيد من الإنتاج المحلي للمشتقات النفطية، ويقلل اعتماد العراق على الاستيراد.

لم تتوقف الخطط عند هذا الحد، ففي النصف الثاني من العام، أعلن السوداني عن حزمة من المشاريع الاستراتيجية الجديدة، بعضها يدخل حيّز التنفيذ للمرة الأولى في مجالات النقل والاتصالات والطاقة. كما كشف خلال ملتقى الاستثمار في بغداد عن فرص استثمارية تصل قيمتها إلى 450 مليار دولار، مؤكداً أن العراق «لم يعد بلداً مغلقاً أمام رأس المال، بل بيئة جاذبة لكل من يريد العمل الجاد والمثمر».

هذه المشاريع، بحسب مراقبين، تعكس توجهاً واضحاً لدى الحكومة نحو التحول الاقتصادي والتنمية المتوازنة، بعد أن ظلت الحكومات السابقة تركز على إدارة الأزمات أكثر من بناء الحلول. فالسوداني، كما يراه البعض، يحاول أن يجعل من الاقتصاد العراقي محركاً للاستقرار السياسي والاجتماعي، عبر تشغيل المصانع المتوقفة، وتأهيل البنى التحتية، وتحسين الخدمات الأساسية.

لكن رغم هذه الإنجازات، ما زالت هناك تحديات كبيرة، أهمها ضمان تنفيذ المشاريع بالجودة المطلوبة، ومتابعة تشغيلها فعلياً، لا أن تبقى في مرحلة الافتتاحات فقط. كما أن استدامة التمويل، والشفافية في العقود، ومراقبة الأداء الحكومي، ستكون مفاتيح أساسية لنجاح هذه المشاريع على المدى البعيد.

في النهاية، يمكن القول إن عام 2025 كان عاماً مختلفاً في مسيرة الحكومة العراقية، حيث انتقلت من مرحلة الوعود إلى مرحلة التنفيذ الملموس. وإذا استمرت هذه الوتيرة من العمل والرقابة، فقد يكون العراق على أبواب تحول اقتصادي حقيقي طال انتظاره.