أزمة النفايات في العراق.. تلوث شامل يهدد البيئة ويستنزف الموارد
مستشار حكومي يكشف أهمية إعلان البنك المركزي توديع الدفع النقدي
السوداني يوجه المحافظات والوزارات بإعلان مظاهر الاحتفال في ٣- ١٠ بمناسبة اليوم الوطني العراقي
البيت السني يشتعل.. زعامات تتاجر بالطائفية قبل الانتخابات
برشلونة يرفض خوض أي مباراة على ملعب يوهان كرويف
تتصاعد أزمة النفايات في المدن العراقية بشكل يثير القلق، حيث لم تعد المشكلة مقتصرة على تراكم القمامة في الشوارع والأسواق، بل تحولت إلى تهديد بيئي وصحي متكامل يؤثر على الهواء والمياه والتربة، ويشكل مرتعاً خصباً للحشرات والقوارض، مهدداً حياة المواطنين وصحتهم العامة.
تحديات بيئية وثقافية واجتماعية
أكدت الناشطة البيئية نجوان علي أن الأزمة في بغداد ليست مجرد مشكلة في جمع القمامة، بل هي انعكاس لتراكم تحديات بيئية وثقافية واجتماعية، أبرزها ضعف التوعية البيئية لدى المواطنين وعدم الالتزام بالقوانين والتعليمات الخاصة بإدارة النفايات.
وأضافت علي أن النفايات تسهم في انتشار الأمراض، وتلويث المياه والتربة، وتؤثر سلباً على المنظر العام للمدينة، كما أن الكثير من المشاريع الخدمية والترفيهية المتلكئة تحولت إلى مواقع لرمي القمامة، بما فيها المناطق الأثرية الهامة.
ولفتت إلى أن الحل يكمن في نهج مزدوج يشمل تطوير البنية التحتية ورفع قدرات الكوادر البلدية، إلى جانب حملات توعية مستمرة لتغيير سلوكيات المواطنين وتعزيز ثقافة فصل النفايات وإعادة التدوير.
جهود مستمرة
من جانبه، أكد المتحدث باسم إعلام أمانة بغداد عدي الجنديل أن أعمال النظافة مستمرة على مدار الساعة عبر أربع وجبات عمل، ويشمل الأسطول كاملاً من الكابسات والعمال المتخصصين، مع إمكانية الاستعانة بالقطاع الخاص عند الحاجة.
وأشار الجنديل إلى إطلاق تطبيق لتلقي شكاوى المواطنين بشأن أي مخالفات في خدمات رفع النفايات، موضحاً أن الأمانة تعمل أيضاً على مشاريع تطوير البنية التحتية وإدارة النفايات، أبرزها مشروع بالشراكة مع شركة صينية لتحويل نحو 3 آلاف طن من النفايات يومياً إلى طاقة كهربائية بقدرة تصل إلى 100 ميغاواط، وقد بدأت الشركة بالفعل بتنفيذ المشروع.
أزمة عابرة للمدن والريف
وأكد الدكتور محمد الجبوري، خبير البيئة والمناخ، أن أزمة النفايات لم تعد محصورة في المدن الكبرى بل تجاوزت آثارها إلى المناطق الريفية، وفاقمت التلوث البصري والهوائي والمائي، في ظل عجز البنية التحتية عن التعامل مع الزيادة السكانية والأنشطة الصناعية والزراعية غير المنظمة.
وقال الجبوري إن العراق ينتج أكثر من 11 مليون طن من النفايات سنوياً، منها نحو 9 آلاف طن يومياً في بغداد وحدها، غالبية هذه النفايات تُجمع بطرق بدائية وتُطمر في مكبات مفتوحة وغير نظامية. وأضاف أن أكثر من 70% من المحافظات لا تمتلك محطات فرز أو تدوير حديثة، بينما الخطر يزداد بدمج المواد المعدنية والإلكترونية مع النفايات العامة.
وتشمل الأضرار المباشرة تلوث المياه الجوفية، وارتفاع غازات الدفيئة، وتلوث الهواء، وانتشار الحشرات والقوارض، وارتفاع حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والجلدي، فضلاً عن تهديد صحة العاملين في جمع النفايات وفقدان المجتمع فرص اقتصادية من عمليات التدوير غير المستغلة.
وأشار الجبوري إلى مبادرات محلية ناجحة، مثل مشروع "النفايات النظيفة" في كربلاء الذي وفر حاويات بثلاثة ألوان للفرز، ما ساهم في تقليل كمية النفايات المختلطة بنسبة 30%، ومشروع تدوير البلاستيك في الموصل الذي وفر فرص عمل للشباب وقلل النفايات البلاستيكية بنسبة 15% في الساحل الأيسر.
وشدد على أهمية إطلاق حملة وطنية للتوعية البيئية تشمل الإعلام والمدارس والجامعات، وتطبيق نظام فرز النفايات من المصدر، ودعم المشاريع الصغيرة لتدوير النفايات، وتفعيل الغرامات ضد المخالفين، وإشراك القطاع الخاص في إنشاء محطات الفرز والمعالجة وفق نظام الاستثمار، بالإضافة إلى إصدار قانون شامل لإدارة النفايات يتضمن آليات تنفيذ وعقوبات واضحة.
وتؤكد الأزمة البيئية في العراق أن إدارة النفايات ليست مجرد قضية تشغيلية، بل هي مسألة بيئية وصحية وثقافية تستدعي تحركاً مشتركاً من الدولة والمجتمع المدني والمواطنين. فالخطر لا يهدد جمال المدن فحسب، بل يمتد ليشمل صحة الإنسان وموارد الطبيعة، وكل يوم تأخير في المعالجة يقرب البلاد من كارثة بيئية وشيكة.