تعطّل جلسات مجلس النواب .. أزمة ثقة ومسؤولية مؤجلة تسببت بـ"شلل تشريعي"
رفع التعرفة الجمركية على السيارات.. قرار يربك السوق ويثير عاصفة جدل في البرلمان
استخبارات مضللة وحروب عبثية.. دروس قاسية للسياسة الأمريكية
بغداد بين الأرصفة والمرائب العشوائية.. فوضى الجبايات تهدد صورة العاصمة
زهرة النيل تغزو الفرات.. العراق يواجه أسوأ أزمة مائية وتلوث يهدد الحياة
أثار قرار الحكومة الأخير القاضي برفع التعرفة الجمركية على استيراد السيارات موجة جدل واسعة في الأوساط النيابية والتجارية، وسط مخاوف من تداعياته السلبية على السوق المحلية وانعكاساته المباشرة على المواطنين، وفيما وصفت لجنة الاقتصاد النيابية القرار بـ"المجحف"، يرى خبراء أن غياب التخطيط المسبق وعدم منح التجار فترة انتقالية أسهم في تفاقم الأزمة، ما أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة وتراجع الإيرادات الجمركية إلى النصف مقارنة بالعام الماضي.
وقال الشمري إن "الإيرادات في تموز 2025 بلغت 20 مليار دينار فقط، بينما سجلت في الشهر ذاته من عام 2024 نحو 40 مليار دينار. هذا الانخفاض يثبت أن القرار لم يحقق أهدافه الاقتصادية، بل تسبب بخسائر إضافية".
وأضاف أن اللجنة استمعت لشكاوى المتضررين خلال اجتماع رسمي بحضور رئيس هيئة الجمارك، وأنها سترفع مطالب إلى مجلس الوزراء تتضمن إلغاء منع دخول سيارات ذوي الإعاقة، وإلغاء الضريبة على سيارات الهايبرد، وتسهيل التحويلات المالية للسيارات المستعملة، ودعم أصحاب الدخل المحدود.
أما النائب الثاني لرئيس اللجنة، ياسر الحسيني، فقد وصف القرار بأنه "ضغط إضافي على التجار والسوق"، مؤكداً أن "السيارات تراكمت في الموانئ دون أن تشكل مورداً اقتصادياً فعلياً للدولة".
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي علي الكرخي، أن الحكومة استعجلت في تنفيذ القرار من دون دراسة جدوى واضحة، مبينا أن "القرارات الاقتصادية الكبيرة تتطلب إشعاراً مبكراً لا يقل عن ستة أشهر كي يتمكن التجار من التكيف، لكن ما حدث هو تطبيق فوري أربك الجميع وأضر بحركة السوق".
وأشار الكرخي إلى أن تراجع الإيرادات الجمركية "يكشف خللاً في الرؤية الحكومية"، داعياً إلى مراجعة شاملة لسياسات الاستيراد بما يوازن بين حاجة السوق والمصالح الاقتصادية للدولة.
بدورهم، أعرب عدد من تجار السيارات عن استيائهم من القرار، إذ قال التاجر أحمد عبد، وهو مستورد للسيارات المستعملة: "تفاجأنا بالقرار قبل ثلاثة أيام فقط من تطبيقه، ما كبّدنا خسائر كبيرة. سياراتنا عالقة في الموانئ ولا نستطيع إدخالها أو تسويقها، فيما تزداد الأعباء المالية علينا يوماً بعد آخر".
وأضاف أن "القرار سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات في السوق المحلي، ما يضعف القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود الذين يعتمدون على السيارات المستعملة".
أمام هذا الجدل المتصاعد، يبقى قرار رفع التعرفة الجمركية موضع تساؤل حول جدواه الاقتصادية، وهل نجح في تعزيز موارد الدولة أم تحول إلى عبء إضافي على التجار والمواطنين على حد سواء، فالسوق العراقي يقف اليوم على مفترق طرق يحتاج إلى رؤية استراتيجية توازن بين المصلحة العامة وحماية الفئات الأضعف من تداعيات القرارات المفاجئة.