ساعة الحسم الدستوري تدق.. مجلس النواب أمام امتحان بلا تأجيل

اليوم, 13:13
1 053

غداً، يقف مجلس النواب عند أخطر منعطف دستوري منذ انطلاق دورته الجديدة؛ جلسة لا تحتمل التسويف ولا تغفر التأجيل، في ظل تحذير قضائي صارم من مغبة خرق الدستور. صراع الإرادات بلغ ذروته، والصفقات تُطبخ على نار اللحظات الأخيرة، فيما تترقب البلاد ما إذا كان البرلمان سينجح في عبور اختبار الشرعية… أم يدخل نفق أزمة سياسية جديدة لا أحد يعرف نهايتها.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

القضاء يحسم الجدل الدستوري

حسم رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، الجدل الدائر بشأن الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، مؤكداً أن الجلسة المقررة في التاسع والعشرين من كانون الأول لا تقبل التأجيل أو التمديد، وأنها يجب أن تنتهي بحسم تسمية رئيس مجلس النواب ونائبيه، وفقاً لما نص عليه الدستور العراقي.



وشدد زيدان على أن أي محاولة لتأجيل الجلسة أو تمديدها تُعد مخالفة صريحة للدستور ولا تستند إلى أي غطاء قانوني، موضحاً أن المدد الدستورية الخاصة بتشكيل السلطات لا يمكن تجاوزها تحت أي ذريعة، وأن احترامها يُعد التزاماً وطنياً قبل أن يكون التزاماً قانونياً.


وجاءت هذه المواقف خلال لقاء جمع زيدان برئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، حيث جرى التأكيد على أهمية الالتزام بالتوقيتات الدستورية الخاصة بانتخاب الرئاسات الثلاث، تجنباً لإدخال البلاد في فراغ دستوري أو أزمات سياسية جديدة.


مشهد سياسي معقد وترشيحات مفتوحة


وبحسب جدول الأعمال المعلن، ستتضمن جلسة الغد أداء اليمين الدستورية لأعضاء مجلس النواب في دورته التشريعية السادسة، ثم الشروع بانتخاب رئيس المجلس ونائبيه.


وفي هذا السياق، تشير المعطيات إلى أن “المجلس السياسي الوطني” الممثل للقوى السنية قد يدخل الجلسة بمرشحين اثنين في حال عدم التوافق على مرشح واحد، في وقت تتصدر فيه أسماء مثنى السامرائي ومحمد الحلبوسي واجهة المنافسة على رئاسة البرلمان.


وأكدت قوى سياسية أن عدم حسم الترشيحات حتى اللحظات الأخيرة ليس أمراً جديداً في التجربة السياسية العراقية، إذ غالباً ما تُتخذ القرارات المصيرية في اللحظات الحاسمة. ورغم استمرار الخلافات، إلا أن التأجيل لم يعد خياراً مطروحاً، في ظل الضغط الدستوري والقانوني القائم.


وفي الإطار ذاته، لا تزال المشاورات داخل “الإطار التنسيقي” مستمرة بشأن ملف رئاسة الوزراء، وسط توقعات بعقد اجتماعات حاسمة، وإن كانت المؤشرات لا تزال غير ناضجة للإعلان عن اسم نهائي في الوقت الراهن.


تحذيرات من الفراغ ومسؤولية وطنية


يرى مراقبون ومحللون سياسيون أن إخفاق الكتل السياسية في استكمال تسمية مرشحيها يعكس غياب الإرادة السياسية أكثر مما يعكس تعقيداً دستورياً، محذرين من أن استمرار الخلافات سيؤدي إلى تعميق أزمة الثقة مع الشارع، ويعطل عمل المؤسسات الدستورية.


وأكد مختصون في الشأن القانوني أن دعوة رئيس الجمهورية لانعقاد الجلسة الأولى جاءت تنفيذاً مباشراً لأحكام المادة (54) من الدستور، وأن الجلسة يجب أن تُعقد برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وتُخصص حصراً لانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه بالاقتراع السري المباشر.


كما شددوا على أن أي خروج عن هذا المسار يُعد مخالفة دستورية صريحة، مستندين إلى قرارات سابقة للمحكمة الاتحادية العليا أرست مبدأ عدم جواز تعطيل أو تجاوز الاستحقاقات الدستورية.


وفي ظل هذه المعطيات، تبدو جلسة الغد اختباراً حقيقياً لمدى التزام القوى السياسية بمنطق الدولة والمؤسسات، وقدرتها على تغليب الاستحقاق الدستوري على الحسابات الضيقة، في مرحلة تتطلب أعلى درجات المسؤولية السياسية للحفاظ على الاستقرار والشرعية الدستورية.