تراجع تربية النحل في العراق.. تحديات بيئية واقتصادية تهدد استمرارية المهنة
الاحتلال يُسرّع الفصل الجغرافي للضفة.. خطة جديدة لإنشاء آلاف الوحدات الاستيطانية
إيران ترفض التفاوض المباشر مع ترامب وتحدد شروطها: لن تخيفنا التهديدات
ملف الكهرباء في العراق.. واشنطن تستخدم سلاح الطاقة لابتزاز الحكومة والشعب
هلال العيّد يزيد خلافات "البيت السني".. اتهامات و "تخوين" يعكسان صورة "التشتت"!
مع اقتراب عيد الفطر المبارك، تطفو على السطح مجدداً مخاوف الأسر من انتشار الألعاب الخطرة التي تشبه الأسلحة الحقيقيَّة، والتي قد تتحول من مجرد "لعب أطفال" إلى سببٍ في كوارث لا تحمد عقباها، فبين أيدي الصغار، تنتشر مسدسات الـ"صجم"، وسهام اللعب الحادة، وألعابٌ أخرى تحاكي الأسلحة الناريَّة، الأمر الذي يثير ذعر الأهالي وينذر بإصابات بالغة قد تعكر صفو فرحة العيد.
في هذا السياق، يتساءل أولياء الأمور عن مدى فاعليَّة الرقابة على هذه الألعاب، ويطالبون الجهات المعنيَّة بتشديد الحظر على تداولها، خاصة مع تكرار حوادث إصابة الأطفال خلال المواسم والأعياد. كما يُوجّهون نداءً إلى الأهالي لبذل مزيدٍ من اليقظة ومراقبة ما يشتريه أبناؤهم، لأنَّ خطورة هذه الألعاب لا تقتصر على الجروح الجسديَّة فحسب، بل قد تُسهم في تعزيز العنف لدى النشء.
مستشفى ابن الهيثم التعليمي للعيون في بغداد، جدَّدَ تحذيراتِه الصارخة من المخاطر الكبيرة التي تشكلها بعض ألعاب الأطفال، لا سيما تلك التي تطلق مقذوفاتٍ بلاستيكيَّة (الصجم) والمصابيح الليزريَّة، والتي قد تؤدي إلى إصابات خطيرة تصل إلى حد فقدان البصر بشكلٍ دائم.
وأكد مدير المستشفى الدكتور وليد حميد جاسم، "ضرورة تعاون الأهالي لمنع أطفالهم من شراء هذه الألعاب الخطرة التي تشكل تهديداً حقيقياً على صحتهم"، وأشار إلى أنَّ "المستشفى استقبل خلال العيد الماضي أكثر من 50 حالة إصابة بأعمارٍ مختلفة، معظمها إصاباتٌ خطيرة تطلبت تدخلاً جراحياً عاجلاً لإنقاذ العين من أضرار دائمة".
وحذر من أنَّ "بعض الإصابات تكون شديدة جداً، خاصة عندما تتأثر أجزاءٌ حساسة من العين مثل الشبكيَّة أو القرنيَّة، الأمر الذي قد يؤدي إلى العمى الكامل في حالاتٍ متقدمة".
من جانبه، أوضح حسام جمعة الساعدي، مسؤول المكتب الإعلامي في المستشفى، أنَّ "وزارة الصحة تكثف حملاتها التوعويَّة بالتزامن مع مثل هذه المناسبات"، داعياً إلى "تعزيز التعاون بين الجهات الحكوميَّة ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، فضلاً عن دور الأسر في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة".
ووصف الساعدي هذه الألعاب بأنَّها "إرهابٌ من نوعٍ آخر، ليس فقط بسبب أضرارها الجسديَّة، بل أيضاً لآثارها النفسيَّة السلبيَّة على الأطفال، حيث تعزز ثقافة العنف وتشكل تهديداً لمستقبل المجتمع".
وأشار إلى أنَّ "العشرات من الأطفال الأبرياء يقعون ضحايا لهذه الألعاب في كل مناسبة، الأمر الذي يؤدي إلى إصاباتٍ وعاهاتٍ مستديمة"، مطالباً بـ"اتخاذ إجراءات صارمة لوقف استيراد وتداول هذه الألعاب الخطرة التي تهدد سلامة المجتمع بأكمله".
وفي إطار الجهود الرامية إلى التصدي لظاهرة انتشار الألعاب الناريَّة والمفرقعات، أكد مدير الشرطة المجتمعيَّة في وزارة الداخليَّة، العميد علي عجمي "خطورة هذه الممارسات"، قائلاً: "تشكل الألعاب الناريَّة خطراً جسيماً على السلامة العامة، إذ تؤدي إلى إصاباتٍ بليغة بين المواطنين، لا سيما بين الأطفال والمراهقين، كما تتسبب في حرائق متعددة وتلوث بيئي".
وأضاف أنَّ "الشرطة المجتمعيَّة تقومُ بتنفيذ خططٍ متكاملة للحد من هذه الظاهرة، تشمل حملاتٍ تفتيشيَّة مكثفة لضبط الأسواق التي تبيع هذه المواد بشكلٍ غير قانوني، بالتعاون مع وزارة التجارة والجهات المعنيَّة الأخرى". وأردف العميد علي قائلاً: "نعمل على تطبيق القانون رقم (2) لسنة 2013 الذي يحظر استيراد وتصنيع وتداول الألعاب الناريَّة، مع تشديد الرقابة على المنافذ الحدوديَّة لمنع تهريبها".
وبشأن الإجراءات العقابيَّة، أوضح أنَّ "عقوبة المتورطين في هذه التجارة تصلُ إلى السجن ثلاث سنوات وغرامة ماليَّة قد تبلغ عشرة ملايين دينار، وذلك لحماية المواطنين من أخطار هذه المواد".
وبخصوص الإحصائيات، ذكر العميد عجمي: "لم نسجل ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات مؤخراً، لكننا نتابع الحالات التي تردنا خلال المناسبات والأعياد، ونحث المواطنين على الإبلاغ عن أي استخدامٍ غير قانوني لهذه المواد".
وفي ختام حديثه، وجه العميد علي عجمي رسالة إلى المواطنين قائلاً: "نناشد جميع المواطنين، وخاصة أولياء الأمور، التعاون معنا في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، من خلال توعية أبنائهم والإبلاغ عن أي مخالفات، لأنَّ سلامة المجتمع مسؤوليَّة مشتركة بين الجميع". وأكد أنَّ "الشرطة المجتمعيَّة ستواصل جهودها لحماية المواطنين من خلال التوعية والتطبيق الصارم للقوانين".
وفي تحذيرٍ خطيرٍ يضاف إلى سلسلة التحذيرات الطبيَّة والأمنيَّة السابقة، كشف الخبير النفسي كاظم الربيعي، المتخصص في السلوك والشخصيَّة، عن الأبعاد النفسيَّة الخطيرة لألعاب العنف التي تنتشر بين الأطفال، مؤكداً أنها "تخلق شخصياتٍ مهيأة للإجرام وتستنزفُ الطاقة الجسديَّة للأطفال".
وأوضح الربيعي أنَّ "هذه الألعاب تؤثر بشكل كبير في سلوك الأطفال ونموهم النفسي، خاصة في مراحل الطفولة الأولى التي تعدُّ حجر الأساس في بناء الشخصيَّة". مضيفاً أن "التعرض المستمر لهذه الألعاب ينتج شخصيات عدوانيَّة مهيأة للإجرام، الأمر الذي يشكلُ خطراً جسيماً على مستقبل الطفولة والمجتمع".
ولفت الخبير النفسي إلى أنَّ "الألعاب العنيفة تؤثر مباشرة في النظام الهرموني للطفل، إذ تحفز إفراز هرمون الأدرينالين بكميات كبيرة"، مشيراً إلى أنَّ "هذا الهرمون الذي يُعرف بهرمون المواجهة أو الهروب، يستهلك طاقات جسديَّة هائلة ويوجه الطفل نحو السلوك العدواني".
وشدَّدَ الربيعي على أنَّ "الأسرة تشكلُ العمود الفقري في حماية الأطفال من هذه المخاطر"، مقترحاً عدة حلول عمليَّة، منها استبدال ألعاب العنف بألعابٍ تنمي المهارات والذكاء، ووضع جدول يومي متوازن يشملُ الرياضة والدراسة والنوم المبكر، فضلاً عن المراقبة المستمرة لنوعيَّة الألعاب التي يستخدمها الأطفال.