العراق يواجه "العطش الكبير".. جفاف يهدد البقاء ومناشدات لإنقاذ ما تبقى من المياه

اليوم, 11:42
1 471

في ظل موجة جفاف شديدة تهدد الأمن المائي والغذائي في العراق، ناشدت الحكومة العراقية نظيرتها التركية دعم جهود بغداد لمعالجة أزمة المياه المتفاقمة.

 

 وجاء ذلك خلال زيارة أجراها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى أنقرة، حيث جرت مناقشات موسعة بشأن ملف المياه مع المسؤولين الأتراك.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

وقال وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب، إن العراق يواجه "سنة جفاف شديدة" تستدعي دعماً فعّالاً، مشيراً إلى أن الوفد العراقي عرض للجانب التركي الظروف القاسية التي تمر بها البلاد نتيجة شح المياه وتداعياته المتصاعدة، لا سيما مع اقتراب فصل الصيف. 

 

وأوضح أن الجانب التركي أبدى استجابة إيجابية ووعد بدعم العراق في هذا الملف الحيوي، مؤكداً أن الوزارة ستتابع بشكل يومي واردات المياه لضمان التزام تركيا بما تعهدت به.

 

وبسبب النقص الحاد في الموارد المائية، اضطرت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية، من بينها حظر زراعة المحاصيل الصيفية وتقليص مساحة الأراضي المشمولة بالخطة الزراعية إلى النصف، فيما تم استبعاد محافظات بأكملها من الخطة نتيجة تفاقم الجفاف.

 

وتشير وزارة الموارد المائية إلى أن العراق يواجه "خطرًا كبيرًا" نتيجة التراجع في الواردات المائية من دول المنبع، تركيا وإيران، الأمر الذي أدى إلى انخفاض ملحوظ في المخزون الاستراتيجي للمياه.

 

ولفتت إلى أن الإجراءات الحكومية تركز حالياً على مسارين: الأول تقليل آثار شح المياه على المواطنين، والثاني ضمان إيصال الحصص المائية للمستفيدين في مختلف المحافظات.

 

ويعاني العراق من انخفاض غير مسبوق في مناسيب نهري دجلة والفرات، في ظل توسع كل من تركيا وإيران في بناء السدود وتحويل مجاري الأنهار. هذا إلى جانب شح الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، ما جعل العراق واحداً من أكثر خمس دول في العالم عرضة لتداعيات التغير المناخي، وفق تقارير أممية.

 

وتسببت هذه الأوضاع البيئية في تفاقم الأزمات الاجتماعية، بما في ذلك موجات نزوح من مناطق مثل الأهوار جنوب البلاد وقرى في محافظة ديالى شرقاً، بسبب الجفاف ونفوق الحيوانات وانهيار الزراعة. كما أدى ذلك إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد وسط تراجع إنتاج المحاصيل، ما يهدد الأمن الغذائي للبلاد.

 

وحذر مختصون بيئيون من أن استمرار التغيرات المناخية، مع تصاعد ظواهر التصحر وشح المياه، يهدد بإقصاء مناطق واسعة من العراق عن خارطة الاستقرار، حتى إن بعضها حُرم من المياه الصالحة للشرب. 

 

وفي إطار مواجهة هذه التحديات، أطلق رئيس الوزراء في آذار الماضي مبادرة وطنية للتشجير ومكافحة التصحر والعواصف الرملية.

 

وفي السياق ذاته، قال فاضل الغراوي، رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، إن "الوضع البيئي في البلاد يتدهور بسرعة والواردات المائية لا تتناسب مع حجم الاستهلاك، ما يفاقم الأزمات البيئية والصحية ويدفع نحو الهجرة". ودعا إلى تفعيل الحوارات مع دول الجوار وزيادة الضغط الدبلوماسي لضمان حصة العراق من المياه.

 

من جهته، شدد الناشط البيئي محمد سلمان على أهمية تفعيل مبدأ "تقاسم الضرر" بين الدول المتأثرة بالتغير المناخي، محمّلاً المجتمع الدولي مسؤولية التقاعس في هذا الملف، مشيراً إلى أن دول الجوار تتصرف بشكل منفرد دون اعتبار لحقوق العراق المائية.

 

ومع استمرار الأزمة، يلجأ العراق إلى ما يُعرف بـ"التخزين الميت" في البحيرات والسدود، كمحاولة أخيرة لتأمين تدفق المياه نحو المحافظات الوسطى والجنوبية، في وقت تزداد فيه المخاوف من كارثة مائية وبيئية تهدد مستقبل البلاد القريب.