أرقام مخيفة للرواتب وعجز "كارثي".. هل تصمد الموازنة حتى نهاية 2025؟
قرار أمريكي من مجلس الشيوخ يخص الضرائب والإنفاق بفارق صوت واحد رغم الانقسام الجمهوري
البرلمان في عين العاصفة.. دعوات لاستئناف الجلسات وسط أزمات متصاعدة
الاستلام عبر منافذ خاصة.. هيئة الحشد الشعبي تطلق رواتب شهر حزيران
مياه البصرة ملوّثة.. دعوات عاجلة للحكومة قبل وقوع "كارثة إنسانية"
في وقت تتجه فيه أنظار العراقيين نحو مشاريع التنمية والخدمات، تكشف الأرقام الرسمية عن أزمة مالية متفاقمة تهدد صميم الاستقرار الاقتصادي للبلاد، فخلال أربعة أشهر فقط من عام 2025، سجّل العراق عجزاً مالياً خطيراً بلغ 9.6 تريليون دينار، وسط إنفاق متضخم على الرواتب والتشغيل، وتراجع في الإيرادات نتيجة تقلبات أسعار النفط.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة المالية الاتحادية، فقد بلغ العجز الفعلي حتى نهاية نيسان 2025 نحو 9.6 تريليون دينار عراقي، في حين بلغت النفقات العامة 37.6 تريليون دينار، مقابل إيرادات لم تتجاوز 28 تريليون دينار.
الرواتب "تبتلع" الموازنة
الخبير الاقتصادي د. نبيل المرسومي أكد أن "الرواتب بمختلف أنواعها استحوذت على 31.189 تريليون دينار، أي ما يفوق مجمل الإيرادات العامة خلال نفس الفترة، في إشارة إلى اختلال خطير في هيكل الإنفاق".
وأضاف: "نحن أمام أزمة مالية ذات طابع هيكلي، حيث تمتص الرواتب وحدها أكثر من 80% من موارد الدولة، وهذا يعكس هشاشة بنية الموازنة التي تُركز على الجانب التشغيلي وتُهمّش الإنفاق الاستثماري والخدمي".
انهيار تدريجي
الخبير المالي يوسف عبد الستار أوضح أن استمرار هذا العجز "سيُجبر الدولة على الاقتراض الداخلي أو الخارجي، أو حتى تأخير دفع المستحقات للموظفين والمتقاعدين، وهو ما قد يخلق حالة من التذمر العام وعدم الاستقرار الاقتصادي".
وتابع قائلاً: "العراق يعيش اليوم حالة تشوّه اقتصادي مزمن، حيث تم بناء موازنته على سعر نفط مرتفع في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية تقلبات عنيفة بفعل الأزمات الجيوسياسية، مما يضاعف من هشاشة الوضع المالي".
من جانبه، أشار المحلل السياسي الاقتصادي علي عبد الرضا إلى أن "الحكومات المتعاقبة أخفقت في تطبيق أي من بنود الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي، والتي بُشّر بها العراقيون منذ عام 2020، وبقيت حبراً على ورق".
وقال: "لا توجد حتى الآن إرادة سياسية حقيقية لإصلاح الجهاز الإداري المترهل أو ترشيق النفقات، إذ تسيطر الحسابات السياسية والشعبوية على أغلب قرارات التوظيف والرواتب".
موازنة ضخمة.. ونتائج متواضعة
رغم أن موازنة عام 2025 تُعد من أضخم الموازنات في تاريخ العراق، ضمن خطة الثلاث سنوات (2023-2025)، إلا أن نتائجها لا تعكس هذه الضخامة، حيث يُنفق الجزء الأكبر منها على الرواتب والدعم، دون عائد ملموس في التنمية أو البنية التحتية أو الاستثمار.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن العراق يقف على مفترق طرق مالي خطير، حيث لم تعد الأزمة مرتبطة بانخفاض أسعار النفط أو تأخر الموازنة، بل باتت أزمة بنيوية تستدعي قرارات إصلاحية حاسمة قبل أن تتوسع دائرة العجز لتُهدد أسس الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.