الحشد في "مرمى التشويه".. رواية "زينب جواد" اتهام بلا دليل وخفايا "مفضوحة"

أمس, 17:00
1 281

في وقت يشهد فيه البرلمان العراقي، حراكًا متسارعًا لإقرار قانون الحشد الشعبي وتثبيت حقوق منتسبيه، انفجرت فجأة حملة إعلامية واسعة النطاق، أشعل فتيلها تصريح مثير للجدل أطلقته المحامية المدعوة زينب جواد، اتهمت فيه جهات في الحشد الشعبي بتسريب صور شخصية لها، دون تقديم أي دليل قانوني أو إثبات رسمي.


هذا الادعاء، الذي لا يستند إلى مستندات أو بينات قانونية، تحوّل بسرعة إلى مادة دسمة في بعض وسائل الإعلام المعروفة بعدائها للحشد، ما دفع مراقبين للشأن السياسي والأمني إلى التحذير من أن ما يحدث ليس مجرد قضية شخصية، بل حملة مدروسة تستهدف مؤسسة أمنية وطنية في توقيت بالغ الحساسية.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



حملة تفتقر للشرعية القانونية


بحسب تحليلات متقاطعة لمتابعين، فإن اللافت في القضية ليس الاتهام بحد ذاته، بل توقيته وخلفياته. فمن غير المعقول – كما يشيرون – أن يتم ربط مؤسسة بمستوى الحشد الشعبي بقضية "تسريب صور" في خضم واحدة من أهم مراحل صياغة مستقبله القانوني داخل الدولة.


وما يلفت الانتباه أكثر، أن أول من بادر بنشر صور زينب جواد هي مواقع ومنصات تابعة لما يُعرف بـ"التشرينيين"، سواء كانت رسمية أو تعمل تحت غطاء والتي تعتبر المدعوة زينب الداعمة لهم والمدافعة عنهم، في المقابل، لم تُسجل أي حالة تداول أو نشر لتلك الصور على صفحات أو مواقع تابعة للحشد أو منتسبيه، ما يثير تساؤلات جدّية حول الجهات الحقيقية التي تقف خلف الحملة.


وفي هذا السياق، يُطرح تساؤل مشروع: هل هناك أصلًا أي علاقة أو ارتباط بين جماعة تشرين والحشد الشعبي؟ فإذا لم يكن هناك رابط مباشر بين الطرفين، فكيف تُوجّه التهمة إلى الحشد بتسريب الصور، بينما الانتشار الفعلي لتلك الصور جاء عبر منصات محسوبة على التشرينيين أنفسهم؟



مراقبون أكدوا، أن إثارة مثل هذا الملف، دون أي إثبات، هدفه ليس إنصاف الضحية المفترضة، بل ضرب الحشد إعلاميًا وأخلاقيًا أمام الرأي العام، والضغط على الجهات التشريعية لعرقلة مشروع القانون الذي بات على وشك الخروج من أدراج البرلمان.


وأشاروا إلى أن القنوات الصفراء التي تبث السموم وتتبنّى روايات غير موثّقة التي سارعت إلى تبنّي رواية زينب جواد هي ذاتها دأبت في السنوات الماضية على مهاجمة الحشد وتشويهه، ما يعزز الشكوك حول وجود تنسيق بين تلك الجهات وأطراف تسعى لإضعاف الحشد وتقويض مكانته المؤسسية.


وأوضحوا أن التغطية الإعلامية لهذه القنوات لم تراعِ أدنى المعايير المهنية، حيث تم تمرير الاتهامات كمسلّمات، دون التثبت من صحتها أو الرجوع إلى الجهات المعنية، في ممارسة تُوصف بـ"الإعدام الإعلامي المسبق"، وهو ما يمثل انتهاكًا صارخًا لأبسط قواعد الصحافة القانونية.



ضغوط داخلية وخارجية


التصعيد الإعلامي المفاجئ جاء في وقت تتزايد فيه محاولات التأثير على قرار البرلمان بشأن قانون الحشد. وتشير مصادر متابعة إلى أن جهات داخلية متضررة من تقنين وجود الحشد، بالإضافة إلى أطراف إقليمية ودولية، تعمل حثيثًا لوقف هذا المشروع التشريعي، سواء عبر الضغوط السياسية المباشرة أو من خلال ضرب صورة الحشد في الرأي العام.


ويُعتقد أن هذا الاتهام، رغم هشاشته القانونية، جاء في سياق حملة أوسع تحاول خلط الأوراق، وتوجيه أنظار الشارع نحو قضايا جانبية بدلًا من تسليط الضوء على أهمية تثبيت الحقوق القانونية لعشرات الآلاف من المقاتلين الذين قدّموا التضحيات الكبرى دفاعًا عن العراق.


ردود فعل رسمية متزنة


رغم الحملة الشعواء، تعاملت الجهات الرسمية المعنية، وعلى رأسها لجنة الأمن والدفاع النيابية، بحذر وهدوء، وواصلت عملها على ملف قانون الحشد، حيث رفعت توصية رسمية إلى رئاسة البرلمان تتضمن جدولته للتصويت خلال الجلسات القادمة.


هذا الموقف يعكس – وفق تقديرات متعددة – إدراكًا نيابيًا متناميًا بأن ما يتعرض له الحشد ليس إلا محاولة لعرقلة قوننته وضرب معنويات منتسبيه، لا سيما أن القانون يُعدّ فرصة لإعادة الاعتبار الرسمي لهذه المؤسسة التي شكّلت أحد أعمدة الدفاع الوطني خلال أخطر المراحل الأمنية التي مرت بها البلاد.


الادعاء بلا دليل


من المفارقات التي كشفتها القضية، أن صاحبة الادعاء لم تقدم حتى الآن أي وثيقة رسمية أو شكوى قضائية، رغم امتلاكها خلفية قانونية كمحامية. واكتفت بتصريحات إعلامية أثارت الرأي العام دون أي إجراءات قانونية واضحة.


هذا السلوك زاد من الشكوك حول نوايا وخلفيات الطرح، وطرح تساؤلات كبيرة حول مدى صدق الرواية، بل وحتى حول أهداف إثارتها بهذه الصيغة المفتوحة.


ما جرى خلال الأيام الماضية لا يُقرأ بمعزل عن المسار التشريعي الذي يسير فيه قانون الحشد الشعبي. فاتهام الحشد بمثل هذه التهم الأخلاقية هو تصعيد غير مسبوق، يشي بأن هناك من قرر اللعب على وتر الشرف الاجتماعي لضرب مؤسسة طالما كانت رمزًا للقتال والتضحية والانضباط.


وفي غياب أي مستند قانوني، تبقى رواية المدعوة زينب جواد، وفق توصيف المتابعين، مجرد زوبعة إعلامية تحمل أبعادًا سياسية أكبر من ظاهرها، وتكشف حجم الاستهداف الممنهج الذي تتعرض له مؤسسات الدولة الوطنية في سبيل كبح استقلالها وإضعاف تأثيرها.