النفط تعلن إنجاز حفر واستصلاح أربع آبار نفطية في البصرة
أزمة السكن في العراق تزيد الفوارق الطبقية.. هل تؤثر على الاستقرار المجتمعي؟
القيادة العسكرية الإيرانية تتوعد برد صارم وتؤكد فشل العدو في مواجهة قدراتها
تاريخ من الجراح.. المسيحيون في بلاد ما بين النهرين يواجهون موجة جديدة من التحريض
الذهب يسجل ارتفاعًا ويقترب من أعلى مستوى قياسي له
تظهر أزمة السكن في العراق كيف يمكن للسياسات العقارية غير المنظمة أن تعمّق الفوارق بين الأسر الغنية والفقيرة، حيث تترك المشاريع المخططة بأسعار مرتفعة الفئات محدودة الدخل خارج دائرة الاستفادة، ما يعزز الانقسام الطبقي ويهدد الاستقرار الاجتماعي.
ورغم إعلان الحكومة عن خطط لإضافة مليون وحدة جديدة عبر سياسة تمويل ميسّرة تستهدف الشرائح الاجتماعية كافة، إلا أن المشهد السكني لا يزال بعيداً عن تلبية حاجة المواطنين الفعلية، إذ تركزت المشاريع المنجزة أو المخطط لها على مجمعات وقطع أراضٍ بأسعار مرتفعة، جعلت الأسر محدودة ومتوسطة الدخل خارج دائرة الاستفادة.
ومع استمرار الفجوة، يرى مختصون أن النفوذ الكبير للمستثمرين في القطاع العقاري، وغياب المحاسبة الحكومية الصارمة، أديا إلى تفاقم الأزمة بدلاً من حلها، فقد تحولت بعض المشاريع إلى ساحة لتحقيق الأرباح على حساب معاناة ملايين العراقيين، عبر الإخلال بالعقود وتأخير التسليم، أو رداءة البناء والخدمات.
الفجوة السكنية
وفي السياق، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، أن العراق بحاجة إلى نحو 2.5 مليون وحدة سكنية في جميع المحافظات لسد الفجوة السكنية، في ظل نمو سكاني متزايد يقدر بين 2.5 و3% سنوياً.
وقال صالح إن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في بعض المجمعات جعل الكثير من الأسر غير قادرة على شرائها، ما يزيد الطلب على الإسكان المؤجّر أو العشوائي،
مشيراً إلى أن الحكومة عملت على خفض الفجوة بإضافة مليون وحدة سكنية في بغداد والمحافظات، وفق سياسة تمويل مريحة بكلف معقولة تراعي مختلف الطبقات الاجتماعية.
من جانبها، أكدت عضو لجنة الاستثمار والتنمية في مجلس النواب العراقي سوزان منصور أن تفاقم أزمة السكن يعود بدرجة كبيرة إلى بطء تنفيذ المشاريع الإسكانية وتعقيدات الإجراءات البيروقراطية، على الرغم من كثرة الخطط التي أعلنتها الحكومات المتعاقبة.
وقالت منصور إن تأخر الإنجاز وتكرار الوعود من دون نتائج ملموسة أفقدا المواطن ثقته بجدوى هذه المشاريع، خصوصاً في ظل الزيادة السكانية وارتفاع كلف الإيجارات، مؤكدةً أن معالجة أزمة السكن بواسطة المجمعات السكنية وبما يتناسب مع أصحاب الدخل المحدود لم تطبّق إلى الآن.
المجمعات وغسل الأموال
وأشارت إلى أن المجمعات السكنية التي يفترض أن تكون حلاً للفئات محدودة الدخل لم تحقق أهدافها حتى الآن، بل أنتجت مشكلات إضافية تتعلق بصناعة الطبقية في المجتمع واستخدامها وسيلة لعمليات غسل الأموال.
وشددت منصور على أن الحق في السكن يجب أن يكون أولوية في السياسات الوطنية، مع ضرورة فرض رقابة أكثر صرامة على المستثمرين، في وقت تباع فيه الوحدات السكنية في بعض المجمعات بأكثر من ضعف السعر الرسمي المنصوص عليه في العقود، إذ وصلت الأسعار إلى ما بين 1200 و1600 دولار للمتر المربع.
من جانبه، أوضح الباحث الاقتصادي علي العامري أن أزمة السكن في العراق تفاقمت نتيجة غياب الرقابة الحكومية وضعف أدوات المحاسبة، في وقت يسيطر فيه أصحاب المشاريع الاستثمارية على مفاصل القطاع العقاري، الذي يعد اليوم الأكثر نشاطاً وربحية في البلاد.
وبيّن العامري أن هذا النفوذ الواسع جعل العديد من الشركات الاستثمارية تتنصّل من التزاماتها، سواء عبر الإخلال بمضامين العقود، أو تأخير مواعيد التسليم، أو تنفيذ مشاريع رديئة من حيث البناء والخدمات الأساسية، ما جعل بعض الوحدات غير صالحة للسكن رغم أسعارها المرتفعة.
وأضاف أن معاناة المواطنين تتفاقم مع استمرار هذه الممارسات، حيث يجد معظمهم صعوبة في الحصول على سكن كريم وآمن وبأسعار معقولة، فيما يواجه الموظفون من ذوي الدخل المحدود تحدياً مضاعفاً، إذ لا تكفي رواتبهم الحالية لتغطية الاحتياجات الأساسية، فضلاً عن شراء وحدة سكنية أو دفع أقساط مرتفعة.
وأكد أن تجاوز الأزمة يتطلّب إطلاق حلول استراتيجية، أبرزها التوسّع العمراني وفتح مدن جديدة مزوّدة بالخدمات والبنية التحتية، إلى جانب إلزام المستثمرين بالجدوى الاقتصادية لمشاريعهم، وتفعيل الرقابة الحكومية الصارمة.