سبع سنوات عجاف في إقليم كردستان.. برلمان مهدد بالحل وحكومة منتهية الصلاحية
سكة حديد تنتظر التنفيذ.. خريطة جديدة للتبادل التجاري بين العراق وإيران
عمّال العراق.. حقوق "مسلوبة" وآمال "ضائعة" وتشريعات تنتظر الفرج!
من المهنة إلى الرصيف.. مشرّدو بغداد يروون حكايات الانكسار والصمت
"فرضوا إيقاعهم على الممرات المائية".. تقرير روسي: الحوثيون تحولوا إلى قوة إقليمية تتحدى واشنطن
جاء إعلان الحكومة العراقية، بالموافقة على مشروع إنشاء خط سكة حديد يربط العاصمة بغداد بمنفذ المُنذرية العراقي الحدودي مع إيران، ضمن محافظة ديالى شرقي البلاد، المعروف من الجانب الإيراني بمنفذ خسروي بمثابة إعلان تغيير مرتقب بخريطة التبادل التجاري بين البلدين، الذي سيختصر الوقت والجهد المبذول في النقل البري بين العراق وإيران البالغ معدل تبادلهما التجاري أكثر من 11 مليار دولار سنوياً.
وجاء الإعلان العراقي، الأسبوع الماضي، عبر ممثلي وفد اقتصادي من بغداد زار طهران، حيث أُجريت مباحثات مكثفة بشأن الربط السككي والتعاون بين البلدين في مجالات النقل والمناطق الاقتصادية. ترأس الوفد العراقي مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، حازم الخالدي، الذي أكد أن العراق يضع مشروع سكك بغداد – منفذ خسروي ضمن أولوياته الاستراتيجية، إلى جانب مشروع سكة حديد البصرة – الشلامجة.
وأضاف الخالدي أن المشروع سيسهم في تسهيل حركة التجارة والأفراد ويعزز الترابط الاقتصادي بين البلدين، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري الحالي بين العراق وإيران يبلغ نحو 11 مليار دولار سنوياً، "مع إمكانية رفعه إلى 25 ملياراً عند تنفيذ المناطق الحرة والأسواق المشتركة".
وأوضح الخالدي، في تصريح صحافي نشرته وسائل إعلام إيرانية، أن العراق يسعى لتحويل موقعه الجغرافي إلى مركز ترانزيت رئيسي، وهو ما يتطلب بنية تحتية متقدمة للربط مع الجيران. من الجانب الإيراني، أعلن محمد جعفر قائم بناه، النائب التنفيذي للرئيس الإيراني والقائم بأعمال وزير الاقتصاد، أن طهران مستعدة لتسريع الخطوات الفنية واللوجستية لتنفيذ المشروع.
وأوضح، أن خط خسروي - بغداد قد يشكل محوراً مهماً من محاور التعاون الثنائي، داعياً إلى إنشاء منطقة تجارة حرة على الحدود بين قصر شيرين وخانقين، لأن العراق شريك لا يمكن الاستغناء عنه في الرؤية الإيرانية للتنمية الإقليمية.
أهمية اقتصادية كبيرة
من جانبها، شددت وزارة النقل العراقية تأكيدها الأهمية الاستراتيجية لمشروع الربط السككي بين البلدين، وأن تقييم المشروع جاء من منطلق فني واقتصادي.
وقال المتحدث باسم الوزارة، ميثم الصافي، إن مشاريع الربط تمثل خطوة نوعية في تحديث البنية التحتية للنقل، وتسهم في تنشيط حركة التبادل التجاري ونقل المسافرين.
وشدد الصافي، على أن حكومة بغداد تنظر إلى مشاريع الربط السككي كأداة لدعم الاقتصاد الوطني من خلال تنويع مصادر الإيرادات، وتقليل الاعتماد على الطرق. وأفاد بأن شبكة الخطوط السككية لن يقتصر أثرها على النقل فقط، بل ستعزز التبادل الثقافي والسياحي والتعليمي، وتعكس التزام العراق الاندماج في محيطه الإقليمي من خلال مشاريع نقل حديثة وفاعلة.
وأوضح الصافي أن الحكومة منفتحة بشكل كامل، وتسعى لتطوير مشاريعها وبرامجها التنفيذية وفق معايير علمية وفنية دقيقة، تراعي أحدث الأساليب والتقنيات، وفقاً للتطور الفني والتكنولوجي الذي تشهده المنطقة والعالم.
الربط في مجال الترانزيت
وحول أهمية هذا الخط من الناحية الاقتصادية أكد الخبير في مجال النقل، باسم الخفاجي، أن مشروع الربط السككي بين العراق وإيران عبر منفذ خسروي يُشكل خطوة استراتيجية نحو تحويل العراق إلى ممر ترانزيت إقليمي رئيسي، يمكنه من الاستفادة من موقعه الجغرافي بين الشرق والغرب.
وأوضح الخفاجي، أن المنفذ يتمتع بموقع لوجستي مميز، لكونه يقع على خطوط الربط المباشر مع العاصمة بغداد، وأن إدماج هذا المنفذ ضمن شبكة السكك العراقية، خصوصاً إذا ما رُبط بمشروع "طريق التنمية"، سيحول العراق إلى معبر حيوي للتجارة الإقليمية والدولية.
وبحسب الخفاجي، فإن أهمية الترانزيت تكمن في توفير عوائد اقتصادية مستدامة للعراق دون الحاجة إلى صادرات أو صناعات ضخمة، إذ يكفي أن تُحسن الحكومة إدارة ممرات العبور، وتستثمر في البنية التحتية والرقمنة الجمركية، لتصبح رسوم الترانزيت مورداً سيادياً.
وأشار إلى أن إيران تسعى من خلال هذا الربط للوصول إلى أسواق جديدة عبر الأراضي العراقية، وفي المقابل، يستطيع العراق أن يفرض شروطه بما يخدم مصالحه الاقتصادية والسيادية، وأفاد الخفاجي بأن نجاح المشروع يعتمد على رؤية إدارة ملف الترانزيت؛ فكلما خُطِّط له ليكون جزءاً من منظومة متكاملة للنقل والتجارة، أصبح العراق محوراً اقتصادياً لا يمكن تجاوزه في المنطقة".
إيران المستفيد الأكبر
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي، إن مشروع الربط السككي الإيراني باتجاه العراق لا يمكن النظر إليه بمعزل عن استراتيجية إيران للتوسع في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا المشروع يمثل امتداداً لسياستها في فرض حضورها الاقتصادي والسياسي عبر شبكة خطوط نقل استراتيجية تتجه نحو البحر المتوسط مروراً بالأراضي العراقية.
وأوضح الهاشمي، أن الربط من معبر خسروي باتجاه العاصمة بغداد، والذي يعاد تسويقه الآن باعتباره جزءاً من التعاون الاقتصادي بين البلدين، يخفي وراءه أهدافاً أوسع تتعلق برغبة إيران في إيصال صادراتها إلى الموانئ السورية، وهو ما كان يُخطط له منذ عام 2002.
وأضاف أن التغير السياسي الأخير في سورية أربك المخطط الإيراني وأغلق جزءاً مهماً من الممر الغربي، ما دفع إيران إلى التركيز أكثر على العراق باعتباره ساحة بديلة لتمرير صادراتها. وأشار الهاشمي إلى أن الربط السككي المقترح لا يتوقف عند حدود العراق فقط، بل قد يمتد مستقبلاً ليتقاطع مع مشروع "طريق التنمية"، الذي يفترض أن يربط العراق بأوروبا عبر الأراضي التركية.