المحافظات "العصيّة".. أزمة كركوك وديالى تدخل على خط صراع رئاسة البرلمان

10:14, 29/07/2024
529

ما زالت الصراعات المعقدة بين الأطراف السياسية في محافظتي كركوك وديالى تسهم في تعثر مفاوضات تشكيل الحكومة المحلية في هاتين المحافظتين ذات التنوع السكاني الإثني والقومي، إذ أدى الانسداد السياسي وغياب التوافق في قضية اختيار محافظي كركوك وديالى، إلى التفكير بحلول مبتكرة لإدارة المحافظة أبرزها تدوير منصب المحافظ، وعلى الرغم من تصاعد أسهم هذه الفكرة الآن، لكن مراقبين وخبراء قانونيين أكدوا أن طريقة تدوير منصب المحافظ بين الكتل الفائزة في الانتخابات غير قانونية وتمثل "قفزا" على الدستور.

 

ومصطلح "التدوير" ظهر لأول مرة في كركوك بسبب الصراع الكردي على منصب المحافظ ودخول العرب أيضا على خط المنافسة بعد حصولهم على عدد من المقاعد يساوي مقاعد الكرد، ونص هذا المقترح على أن يحصل العرب على سنتين لإدارة المحافظة، وسنتين للكرد، لينتقل المقترح إلى ديالى التي تعاني الأمر ذاته.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

ونبّه مختصون في الشأن السياسي؛ إلى أن محافظتي ديالى وكركوك تشكوان من غياب مخرجات الانتخابات، والإدارة المحلية هي القائمة على تصريف أعمالها، وأنهما محافظتان عصيتان على التوافق.

 

التشظي السني والصراع الشيعي

 

ويرى المحلل والكاتب في الشأن السياسي سيف السعدي، في تصريحات صحفية تابعها "سنترال"، أن "حل أزمة محافظتي ديالى وكركوك مرهون بمعادلة انتخاب رئيس مجلس النواب، ولا تخرج عن هذه المعادلة، كون حالة التشظي التي تحصل بين الكتل النيابية (السُنّية) هي نفسها في الحكومات المحلية، فضلاً عن حالة الصراع ما بين الكتل (الشيعية) على الحكومات المحلية - على أقل تقدير - وبالتحديد في ديالى، حيث أزمة انتخاب المحافظ هي ما يعرقل تشكيل الحكومة المحلية".

 

وأضاف، أنه "على الرغم من وجود سقوف زمنية محددة لتشكيل الحكومات المحلية في قانون رقم (21) لسنة 2008 المعدّل، إلا أن الكتل السياسية تجاوزت هذا السقف، وهذا ينعكس سلباً على الاستقرار الأمني والسياسي والسلم المجتمعي".

 

انعكاسات خطيرة

 

وتبدو التعقيدات وانعكاساتها الخطيرة على أوضاع المحافظة والسكان بشكل عام أكثر وضوحاً في كركوك وديالى، خصوصاً إذا ما علمنا أن 13 محافظة من أصل 15 جرت فيها الانتخابات المحلية وضمنها العاصمة بغداد، نجحت في عقد جلساتها واختيار حكوماتها المحلية، وحصلت على مصادقة رئاسة الجمهورية، بينما بقيت الأطراف السياسية في كركوك وديالى تراوح في منطقة النزاع وعدم الاتفاق.

 

ويقول رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، ورئيس الكتلة التركمانية النيابية، أرشد الصالحي، إن "إصرار بعض الجهات على منصب المحافظ سببه أن هذا المنصب يدر أموالاً طائلة ومن خلاله تتم إحالة مشاريع وغيرها من الأمور، لهذا الجميع يسعى لهذا المنصب المهم ولم يفكروا في مصلحة مكونات كركوك بجميع أطيافها".

 

ويضيف أن "موضوع  تشكيل إدارة كركوك خطوة مهمة ويجب على الكتل السياسية الوصول لصيغة اتفاق تساهم في تشكيل حكومة توافقية يشارك في إدارتها جميع مكونات محافظة كركوك كورداً وتركماناً وعرباً ومسيحيين".

 

ويشير الصالحي إلى أن "التركمان يمتلكون مقعدين، ونحن على اتفاق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي لديه مقعدان أيضاً ما يعني أصبح لدينا أربعة مقاعد وإذا توصلنا إلى اتفاق مع خمسة من الكتلة العربية فهذا يجعلنا أغلبية ومن حقنا تشكيل إدارة كركوك لكون عدد الأعضاء سوف يصبح تسعة مقاعد وهي نصف زائد واحد".

 

القدح المعلّى

 

من جانبه، أشار الكاتب والمحلل في الشأن السياسي، قاسم بلشان التميمي، إلى أن "هناك أسباباً عديدة وكثيرة تقف وراء عدم التوافق في محافظتي ديالى وكركوك، ولعل من هذه الأسباب شعور كل قومية من القوميات الموجودة في كركوك بأنها هي صاحبة (القدح المعلّى)، وأن كركوك تتبع لقوميتها فقط على حساب القوميات الأخرى، كذلك الحال في ديالى؛ فإن بعض العشائر أو القبائل تتصور أن ديالى خاصة بها، وهذا يعني غياب الحس الوطني لصالح القومية أو العشيرة".

 

وأكد، أن "ذلك أمر خطير، وكان الأجدى بالقوى السياسية المؤثرة في المحافظتين أن تعمل على اندماج القوميات والعشائر في الوطن، وأن يعملوا على زرع روح الوطن والمواطنة بكل قوة في هذه المحافظات، ولكن للأسف الشديد نجد أن بعض هذه القوى تعمل من أجل التثقيف للقومية أو العشيرة على حساب المصلحة الوطنية، وهذا الأمر انعكس بشكل سلبي على التوافقات".

 

وختم التميمي بالقول: إن "المطلوب هو العمل وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، وإرسال إشارات ورسائل واضحة إلى أبناء كل محافظة بأنها جزء من العراق الكبير، وهذا الجزء مكمل لباقي الأجزاء (المحافظات) من أجل النهوض بعراق واحد لكل أبناء العراق وإذابة القومية والقبلية من أجل الأمة العراقية الواحدة".