ركود غير مسبوق.. أسعار ملتهبة ومخاوف صحية تهدد موسم الأضاحي في العراق

17:52, 4/06/2025
1 115

رغم دخول موسم الأضاحي الذي يُفترض أن يكون ذروة نشاط مبيعات المواشي واللحوم، تشهد الأسواق العراقية هذا العام مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، تراجعًا غير مسبوق في حركة البيع والشراء إذ تبدو أغلب مواقع بيع الأضاحي شبه فارغة، وسط حالة من الحذر نتيجة ارتفاع الأسعار والمخاوف الصحية المرتبطة بمرض الحمى القلاعية.


وتشير الأسعار الحالية إلى أن ثمن العجل يتراوح بين 3.5 ملايين إلى 4.5 ملايين دينار عراقي (ما يعادل تقريبًا بين 2350 إلى 3020 دولارا)، فيما تتراوح أسعار الخراف بين 450 ألفا و600 ألف دينار (ما يعادل نحو 300 إلى 400 دولار)، وهي أرقام تفوق قدرة كثير من الأسر، خصوصًا في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، وغياب الدعم الحكومي لشراء الأضاحي أو ضبط الأسعار.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



إجراءات حكومية


وفي ظل التحديات التي يشهدها سوق الأضاحي هذا العام، أكدت وزارة الزراعة العراقية أنها كثّفت من إجراءاتها الصحية والتنظيمية لضمان سلامة الثروة الحيوانية وحماية الصحة العامة خلال موسم عيد الأضحى. 


وقال المتحدث باسم الوزارة، محمد الخزاعي، إن الفرق البيطرية تنفذ حملات ميدانية لمكافحة الأمراض الحيوانية، وعلى رأسها الحمى القلاعية، إضافة إلى حملات توعية موجهة للمربين تتضمن إرشادات وقائية، منها العزل الصحي للحيوانات الجديدة، والتأكد من حالتها قبل الشراء، والحفاظ على نظافة الحظائر.


وأضاف الخزاعي، أن الوزارة تدعو المواطنين إلى ذبح الأضاحي في المجازر الرسمية المعتمدة لضمان الإشراف البيطري ومنع الذبح العشوائي، الذي قد يؤدي إلى تفشي الأمراض المشتركة.


وأشار الخزاعي إلى أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع الحكومات المحلية على تنظيم أسواق المواشي، ومراقبة المجازر والمرافق البيطرية، وتسهيل حملات التحصين والمتابعة الصحية في المناطق الريفية والحضرية، مع التركيز على المحافظات التي تشهد نشاطًا مرتفعًا في تجارة الأضاحي.


وأكد أهمية "الالتزام بالإجراءات الصحية من قبل المربين والمواطنين على حد سواء، لضمان بيئة صحية وآمنة خلال موسم العيد، وأن التعاون المجتمعي يشكّل عاملًا محوريًا في إنجاح جهود الوزارة، من خلال الالتزام بالنصائح الوقائية والامتناع عن الذبح العشوائي"، مضيفا أن "الاستقرار الصحي في قطاع المواشي يُعدّ عنصرًا حاسمًا في تقليل الخسائر، وتعزيز قدرة السوق على تلبية الطلب".


خلل في منظومة الإنتاج


من جانبه، قال المختص في الاقتصاد خطاب الضامن، إن "أسباب ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في العراق تعود إلى اختلال واضح بين العرض والطلب، في ظل غياب المعالجات الحكومية الجادة". 


وأوضح الضامن، أن "اللحوم الحمراء المحلية تُعد الخيار المفضل لدى المستهلك العراقي، الذي يفضّل اللحوم الطازجة البلدية على المستوردة، لا سيما في ظل زيادة سكانية متسارعة تُقدَّر بأكثر من مليون وستين ألف ولادة سنويًا، ليرتفع عدد السكان إلى قرابة 47 مليون نسمة".


وأشار الضامن، إلى أن "العرض يواجه الآن تحديات كبيرة بسبب التغيرات المناخية، التي أثّرت سلبًا على المراعي الطبيعية نتيجة قلة الأمطار، وجفاف الأنهار، وارتفاع الملوحة، ما دفع المربين للاعتماد على الأعلاف التجارية مرتفعة الأسعار، والتي شهدت بدورها زيادات في السوقين المحلي والعالمي".


أعلاف مرتفعة


يؤكد العاملون في هذا القطاع أن غياب السياسات الداعمة للمربين، وارتفاع تكاليف الأعلاف، وغياب الرقابة على السوق، ساهمت مجتمعة في خلق بيئة غير مستقرة.


وقال أحد تجار المواشي في العراق، إسماعيل الدليمي، إن "أسعار الأضاحي هذا العام ارتفعت بشكل ملموس قياساً بالعام الماضي، بسبب قلة الأعلاف وارتفاع أسعارها في الأسواق السوداء بشكل غير مسبوق، دون وجود رقابة أو بدائل حكومية مدعومة".


وأوضح، أن "موجة الغلاء تعزى إلى ارتفاع كلفة الأعلاف المستوردة، وتضخم تكاليف النقل، إضافة إلى غياب الدعم الحكومي للمنتجين، ما أسهم في انكماش الطلب، وخلق فجوة واضحة بين الأسعار المطروحة والقدرة الشرائية للمستهلكين، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة" . 


وأضاف الدليمي، أن "فتح الحدود بشكل غير منضبط أمام المهربين أسهم بدخول مواشٍ أجنبية دون رقابة صحية أو جمركية، ما خلق حالة من الفوضى في السوق المحلي، وأثر سلبًا على الإنتاج الوطني".


وأشار إلى، أن "الركود الحالي في السوق ناتج أيضًا من انخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين، الذين باتوا غير قادرين على مواكبة الأسعار المرتفعة حتى في ذروة النشاط التجاري لهذا القطاع".