"التنافس السني المحتدم على المناصب".. صراع العزم وتقدم يهدد استقرار بغداد

16:44, 9/02/2025
833

تعيش الساحة السياسية في العراق حالة من التوتر والاحتقان على خلفية أزمة إقالة رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، وهو الصراع الذي أضاف المزيد من الزيت إلى حرب باردة تزداد سخونة بين "تحالف العزم" و"حزب تقدم". الساحة بغداد تشهد تطورات مثيرة قد تكون لها انعكاسات على المشهد السياسي في العراق بشكل عام.

 

مفاجأة قضائية وتجاوزات قانونية

 

في الخامس من شباط 2025، صوّت أعضاء مجلس محافظة بغداد على إقالة عمار القيسي، مرشح "تحالف العزم"، من منصب رئيس المجلس بعد جلسة استجواب فشلت فيها الأغلبية في الاقتناع بأجوبته.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

وفي 29 تشرين الأول 2024، كشفت وثيقة صادرة من مكتب رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، تفيد بحصول موافقته على إيفاد أعضاء المجلس إلى فيينا في النمسا وجنيف في سويسرا وأمستردام في هولندا، وشرم الشيخ في مصر، ودبي في الإمارات، لغرض “تنمية المهارات المطلوبة في العمل”.

 

القرار الذي كان يبدو كإجراء طبيعي في نظر بعض الأوساط السياسية، تحول إلى قضية مثيرة للجدل بعد أن أصدرت محكمة القضاء الإداري، في 9 شباط 2025، أمراً ولائياً بإيقاف تنفيذ قرار الإقالة وإعادته إلى منصبه.

 

هذا القرار القضائي ألقى بظلاله على ساحة سياسية مشحونة، حيث اعتبر القيسي، في بيان له، أن حكم القضاء يأتي ليؤكد على وجود تجاوزات قانونية في عملية الإقالة، مبيناً أن القضاء العراقي قد أثبت مجددًا أنه حصن العدالة في البلاد، وأنه لن يكون أداة في يد من يحاولون استخدام الأجندات السياسية لتحقيق مصالحهم الخاصة.

 

حرب باردة بين العزم وتقدم

بينما يعلن القيسي تمسكه بموقفه، يبدو أن "حزب تقدم" بقيادة محمد الحلبوسي قد وضع يده على مفاتيح القرار في مجلس محافظة بغداد. 

 

الحزب، الذي ينتمي إليه عمار الحمداني، شن حملة مكثفة ضد القيسي، محاولًا تعويضه بأحد أعضائه، إذ تم انتخاب الحمداني رئيساً للمجلس بالأغلبية الساحقة من أصوات الأعضاء.

 

وفي هذا السياق، يعتبر البعض أن انتخاب الحمداني ليس سوى ثمرة لصفقة سياسية قد تغير التوازنات في المجلس المحلي لبغداد. فقد حصل الحمداني على 42 صوتًا، ما يعكس أن عملية إقالة القيسي كانت جزءًا من حركة أكبر تهدف إلى تعديل المعادلة السياسية في العاصمة.

 

محمد الحلبوسي، رئيس "حزب تقدم"، أشاد بإصلاحات مجلس المحافظة وبارك انتخاب الحمداني. ورغم أن الحلبوسي الذي أُقيل من رئاسة البرلمان بقرار من المحكمة الاتحادية بتهمة التزوير، فأنه لم يتوقف عند هذا الحد، فقد ادّعى أهمية التنسيق بين جميع الأطراف السياسية لتلبية احتياجات أهالي بغداد، مشددًا على ضرورة تعزيز الجهود لتوفير حلول للمشاكل التي تواجه العاصمة.

 

أزمة إقالة عمار القيسي ليست مجرد صراع على منصب رئيس مجلس المحافظة فحسب، بل هي جزء من حرب باردة ممتدة بين تحالف العزم وحزب تقدم. فيما يظل القضاء العراقي ساحة لاحتكام القوى السياسية على ما يبدو، يظل المستقبل السياسي لبغداد مشوبًا بالتحديات والتهديدات، حيث قد تكون الأيام القادمة شاهدة على المزيد من الصراعات التي ستعيد تشكيل خارطة القوى في المدينة وفي الساحة السياسية العراقية.