عمّال العراق.. حقوق "مسلوبة" وآمال "ضائعة" وتشريعات تنتظر الفرج!
من المهنة إلى الرصيف.. مشرّدو بغداد يروون حكايات الانكسار والصمت
"فرضوا إيقاعهم على الممرات المائية".. تقرير روسي: الحوثيون تحولوا إلى قوة إقليمية تتحدى واشنطن
تشريعات مصيرية أمام البرلمان.. تحرك لإصلاحات كبرى تمس "جيب" المواطن والواقع التربوي والصحي
المالية النيابية تكشف أسباب تأخر إرسال جداول الموازنة إلى البرلمان.. ما علاقة الانتخابات بذلك؟
تتفاقم معاناة شريحة واسعة من العمال في العراق بسبب تغوّل القطاع غير المنظم، الذي بات يشكّل مأوى للفوضى والتجاوزات وانتهاك الحقوق، في ظل عجز واضح عن تنظيم هذا الفضاء الاقتصادي الذي يضم مئات الآلاف من العاملين.
ويتغلغل هذا القطاع في مجالات مهمة وحيوية، كالبناء، والخدمات، والنقل، والباعة المتجولين، وعمال النظافة، والتحميل والتفريغ، وغيرها من المهن التي تفتقر إلى العقود الرسمية أو التأمين الصحي أو الضمان الاجتماعي، إذ يتعرض العاملون في هذه القطاعات إلى انتهاكات متعددة، كغياب سقف واضح لساعات العمل، أو أجر ثابت، وغالبًا ما يُفصل العامل أو يُستبدل دون إنذار أو تعويض.
الحلقة المفقودة
بدوره، أكد رئيس اتحاد نقابات العمال في العراق، ستار براك دنبوس، أن "العمال يواجهون تحديات جدية في ظل ضعف التزام أصحاب الأعمال بالتشريعات والقوانين التي تنظم علاقات العمل، لا سيما فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي، وتأمين الحقوق الأساسية".
وقال دنبوس، إن "نسبة الالتزام بهذه القوانين ما زالت دون المستوى المطلوب، خصوصًا في مؤسسات القطاع الخاص، وهو ما ينعكس سلبًا على أوضاع العمال ويزيد من هشاشة بيئة العمل"، مشدداً على "ضرورة تعزيز الرقابة الحكومية لضمان التطبيق الفعلي للقوانين العمالية، وعلى النقابات تحمل مسؤوليتها في حماية حقوق العاملين والدفاع عن مصالحهم".
وطالب دنبوس "الجهات المعنية باتخاذ خطوات عملية لمعالجة هذه الاختلالات، بما يسهم في تحقيق عدالة أكبر للطبقة العاملة وتحسين ظروف العمل في البلاد بشكل عام".
لا قيمة للقوانين
ولا يوفّر القطاع غير المنظم أي شكل من أشكال الأمان الوظيفي أو الاجتماعي، فعلى الرغم من وجود قانون العمل العراقي رقم (37) لسنة 2015، إلا أن تطبيقه شبه معدوم على أرض الواقع، خصوصًا فيما يتعلق بفرض التزامات على أصحاب الأعمال غير المسجّلين رسميًا.
كما تغيب عن المشهد آليات المراقبة أو التفتيش الميداني من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ما يُطلق يد أرباب العمل في تجاوز الحد الأدنى للأجور أو فرض ظروف عمل قاسية.
ويمثّل هذا الواقع تحديًا هيكليًا للاقتصاد العراقي، إذ إن تهميش هذا العدد الكبير من العمال عن منظومة الحقوق يؤدي إلى تفاقم الفقر والبطالة المقنّعة، ويعمّق من حالة التهميش الطبقي والاجتماعي، كما يُحرم البلد من فرص ضخّ موارد إضافية في صناديق الضمان والتقاعد، ويُضعف من قوة النظام الضريبي بشكل عام، ويُكرّس ما يُعرف بـ"اقتصاد الظل" الذي يفلت من الرقابة والتنظيم.
ورغم مبادرات محدودة لإعادة تنظيم سوق العمل، إلا أنها غالبًا ما تبقى حبيسة الورق، نتيجة عدم وجود قاعدة بيانات حقيقية ترصد أعداد العاملين في هذا القطاع أو طبيعة أعمالهم، كما أن غياب الإرادة السياسية والضغط النقابي أسهم في تهميش هذه القضية، على الرغم من خطورتها الاجتماعية والاقتصادية.
تحديات خطيرة
من جهته، أكد رئيس المركز الاستراتيجي، لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، أن "واقع العمال في العراق لا يزال يواجه تحديات كبيرة وخطيرة، في مقدمتها تدني الأجور، وغياب الضمانات الاجتماعية، واستمرار العمل في القطاع غير المنظم، الذي يفتقر إلى أبسط معايير السلامة المهنية".
وقال الغراوي، إن "الكثير من العمال يعملون في بيئة تفتقر إلى مقومات العمل اللائق، من حيث احترام الحقوق، وتوفير الأمان الوظيفي والاستقرار الاقتصادي، حيث أن العمال العراقيين، رغم التزامهم وإخلاصهم في أداء أعمالهم، يعانون من ضعف في تنفيذ القوانين المتعلقة بحقوقهم، إضافة إلى قصور في السياسات الحكومية الموجهة لحمايتهم".
وأشار إلى أن "العراق يمتلك إطارًا قانونيًا متقدمًا نسبيًا، لا سيما بعد صدور قانون العمل رقم (37) لسنة 2015، إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في ضعف التنفيذ والرقابة، لذلك يجب تفعيل دور التفتيش العمالي، وربط منح العقود الحكومية للشركات المحلية والأجنبية بمدى التزامها بمعايير العمل الدولية وحقوق العمال".