في ظل الأجواء السياسية المشحونة والتحديات الأمنية التي تواجه العراق، يُعد إقرار قانون الحشد الشعبي خطوة مفصلية لترسيخ مكانة هذه المؤسسة الأمنية في بنية الدولة العراقية. وبحسب التصريحات الرسمية والبرلمانية، فإن القانون يمثل استحقاقاً قانونياً وإنسانياً طال انتظاره من قبل آلاف المنتسبين، الذين قدموا تضحيات كبيرة في الدفاع عن العراق.
قانون الحشد الشعبي.. استحقاق وطني واختبار للانتماء السيادي
رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أكد أن التصويت على قانون الحشد الشعبي ليس مجرد إجراءٍ تشريعي، بل هو تعبير عن عرفان الشعب لمقاتليه.
وفي رسالة إلى أعضاء مجلس النواب قال الفياض: “في لحظةٍ تتجسّد فيها معاني الوفاء والتاريخ، نقف أمام مسؤولية ثورية إسلامية، ومسألةٍ تتعلّق بكرامة من حملوا السلاح دفاعًا عن إيران ومشروعها الثوري المقاوم“.وأضاف أن “التصويت على قانون الحشد الشعبي لا يقتصر على كونه إجراءً تشريعياً، بل هو تثبيت لحقوق من سطروا بدمائهم مجد الوطن، وتجسيد لعرفان الشعب لمن حملوا السلاح دفاعاً عن العراق ووحدته".
ترسيخ الحقوق الوظيفية والضمان الاجتماعي لمنتسبي الحشد
يأتي قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي ليعزز الاستقرار المهني والاجتماعي لعشرات الآلاف من منتسبيه. حيث أكد وزير العمل أحمد الأسدي أن القانون "يجعل المجاهد مستقلاً وحقوقه مضمونة"، في إشارة إلى ضمان حقوق التقاعد، التسكين الوظيفي، والامتيازات أسوة بالقوات المسلحة العراقية الأخرى. هذا يعكس توجهاً رسمياً لإزالة التمييز وتحقيق العدالة بين مكونات المنظومة الأمنية.
إعلاء الدور الوطني للحشد الشعبي
رغم محاولات التشكيك أو التشويش على دور الحشد، فقد شدد مسؤولون برلمانيون وسياسيون أن الحشد مؤسسة وطنية عراقية بامتياز، وليست تابعة لأي أجندات خارجية. النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاوي، أشار إلى أن القانون "لا يقوم على ولاءات أو انتماءات"، بل هو تعبير عن "عرفان لتضحيات الدفاع عن العراق". كما أكد أن التشريعات العراقية يجب أن تُصاغ بما يخدم السيادة، لا استجابة لـ"إيرادات خارجية".
ضرورة الإجماع السياسي وحماية المؤسسة
أكدت قوى الإطار التنسيقي وتحالف الدولة ضرورة الإجماع الوطني حول القانون، وعدم تسييسه أو تأخيره بسبب ضغوط إقليمية أو دولية. النائب عارف الحمامي صرح بأن "لا مبرر لتأخير القانون سوى الضغوط الخارجية"، في حين شدد الفياض، رئيس هيئة الحشد، أن تمرير القانون هو "تعبير عن عرفان الشعب لمقاتليه"، وليس مجرد إجراء تشريعي. كما لفت إلى أن منتسبي الحشد "دافعوا عن العراق ووحدته"، ويستحقون أن يُنصفوا بقانون دائم.
ويمثل قانون الحشد الشعبي اختباراً للطبقة السياسية في الالتزام بالثوابت الوطنية، وتعزيز وحدة الدولة عبر الاعتراف القانوني بمؤسساتها الأمنية التي قدمت دماءً في سبيل استقرار العراق. تمريره ليس فقط إنصافاً للمقاتلين، بل خطوة لتعزيز السيادة الوطنية وبناء دولة عادلة لا تُميز بين أبنائها.