بين الفتور التشريعي والنهوض البرلماني.. ماذا أنجزت الدورة النيابية الخامسة؟

أمس, 13:36
212

شهد مجلس النواب العراقي حالة من الجمود التشريعي والاضطراب السياسي، انعكست بوضوح على أداء المؤسسة التشريعية، وبالاخص عند بدايته متعثراً في فترة رئاسته من قبل محمد الحلبوسي.


مرحلة الحلبوسي.. جمود سياسي وتعثر في التشريع

فبين الانقسامات داخل الكتل، وتعطل جلسات البرلمان المتكررة، والتجاذبات الحادة بين القوى السياسية، تراجعت وتيرة تشريع القوانين المهمة التي تمس حياة المواطن مباشرة، واكتفى المجلس حينها بإدارة الملفات اليومية دون إحراز تقدم جوهري في المسار الإصلاحي.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



هذه المرحلة التي اتسمت بـ"الفتور التشريعي" وغياب التناغم بين اللجان البرلمانية، تركت فراغاً واضحاً في المشهد السياسي، خصوصاً في ظل حاجة البلاد إلى قرارات وقوانين تنظم الأمن والاقتصاد والمجتمع.


المندلاوي يعيد الروح للبرلمان 

لكن مع تسلّم محسن المندلاوي رئاسة مجلس النواب بالإنابة، تغيّر المشهد تدريجياً، حيث استعاد البرلمان حيويته ودوره التشريعي عبر سلسلة قوانين ومشاريع نوعية شكلت منعطفاً في أداء الدورة الخامسة، حيث أُقرت خلالها حزمة من القوانين ذات الأثر السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي البالغ، مما جعل المندلاوي يُوصف بأنه "رجل التوازن بين السياسة والتنفيذ".


وخلال الفترة الممتدة من نوفمبر 2023 حتى أكتوبر 2024، تمكن البرلمان من تمرير وتشريع جملة قوانين ومشاريع كانت بمثابة ركائز إصلاحية وتنظيمية في البنية الإدارية للدولة العراقية.


قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، حيث أتاح هذا التعديل استمرار عمل المفوضية ومنع حدوث فراغ إداري قبيل الانتخابات، ما جنّب البلاد تأجيل الاستحقاقات الديمقراطية. كما وفّر بيئة أكثر استقراراً للتحضير الفني واللوجستي للانتخابات، مما حدّ من المخاطر السياسية والتنظيمية.

الأهمية: قانون ذو وزن سياسي كبير، أسهم في ترسيخ استقرار المسار الديمقراطي.


قانون جهاز الأمن الوطني العراقي الذي عزّز القانون صلاحيات الجهاز في مكافحة الإرهاب وحماية الأمن الداخلي، وحدّد مهامه بشكل واضح لتفادي تضارب الصلاحيات مع بقية الأجهزة الأمنية.

الأهمية: يُعدّ هذا القانون حجر الزاوية في تحديث المنظومة الأمنية ومواجهة التحديات المتصاعدة.


قانون مكافحة البغاء.. والذي شدّد العقوبات على الشبكات التي تستغل النساء والأطفال، وأرسل رسالة واضحة بأن البرلمان عازم على معالجة القضايا الأخلاقية والاجتماعية الحساسة.

الأهمية: يعكس التزام الدولة بحماية الفئات الهشة وصون القيم المجتمعية.


قانون الجرائم المعلوماتية، والذي وضع إطاراً قانونياً لمعالجة الابتزاز الإلكتروني والاختراقات الرقمية، وساهم في حماية الأفراد والمؤسسات من الجرائم السيبرانية، ترتبط أهميته بأنه قانون عصري يواكب التحول الرقمي ويؤمّن البنية الإلكترونية الوطنية.


قانون العطل الرسمية.. وهو الأهم حيث أُضيفت مناسبة عيد الغدير إلى قائمة العطل الرسمية، مع تنظيم جدول الإجازات الوطنية والدينية بما يضمن التوازن بين المناسبات العامة والدينية.


التعديل الثاني لقانون حقوق ذوي الإعاقة،.. والذي منح القانون امتيازات إضافية لهذه الفئة، مع تحسين الخدمات والرعاية المقدمة لهم، مما عكس اهتمام البرلمان بالعدالة الاجتماعية.


التعديل الثاني لقانون شبكة الإعلام العراقي.. والذي أعاد هيكلة شبكة الإعلام العراقي وحدّد صلاحياتها بوضوح، بما يعزز استقلاليتها المهنية ويمنع تدخل الجهات السياسية في عملها.


قانون المبرمجين العراقيين.. والذي نظّم ممارسة مهنة البرمجة وحدّد الإطار القانوني لعمل المبرمجين العراقيين، مع توفير الحماية القانونية والدعم لهذه الشريحة المتنامية في سوق العمل.


التعديل الرابع لقانون الاستثمار الصناعي.. والذي سهّل إجراءات الاستثمار في القطاع الصناعي وشجّع على إقامة المشاريع الإنتاجية، مما يعزز بيئة الأعمال ويوفر فرص عمل جديدة.


قانون الصحة النفسية.. حيث أقرّ تنظيم خدمات الصحة النفسية وحقوق المرضى النفسيين، وهو تشريع يُعدّ الأول من نوعه في معالجة الصحة النفسية كجزء من منظومة الصحة العامة.


مشروع قانون جهاز المخابرات (قراءة ثانية).. حيث أجريت القراءة الثانية لمشروع قانون تنظيم جهاز المخابرات الوطني، ضمن مسعى لتقنين صلاحياته وضبط مهامه بما ينسجم مع الدستور ومتطلبات الأمن الوطني.


ومن الممكن القول إن العام التشريعي تحت رئاسة محسن المندلاوي بالإنابة تميز بمردود تشريعي نوعي، جمع بين الاستقرار السياسي، والإصلاح الأمني، والتحول الاجتماعي.


مراقبون وصفوا هذه المرحلة بأنها من أنضج المراحل البرلمانية من حيث التنسيق بين رئاسة المجلس واللجان النيابية، بما يعزز حضور البرلمان كسلطة تشريعية فاعلة لا تكتفي بالرقابة، بل تصنع مسارات الإصلاح.


ورغم تنصيب محمود المشهداني رئيسا لمجلس النواب، فقد شهدت فترته فوراً كبيراً في العمل والنيابي ابتدأت من مقاطعة النواب للجلسات والتغيب بحجج واهية، وصولاً إلى عدم محاسبة النواب المتقاعدين عن حضور الجلسات.