انفلات أمني في أربيل.. بارزاني يحرّك قوات "گولان" لقمع التظاهرات واعتقال المحتجين
بشرى سارة لعقود الداخلية.. الشمري يصدر توجيهًا بتثبيت فئة معينة منهم
واشنطن: مطلق النار على الحرس الوطني أصبح متطرفا بعد قدومه لأمريكا
استكمال إجراءات صرف رواتب المتقاعدين لشهر كانون الأول
الحشد الشعبي ينفي اطلاق تعيينات الكترونية: لا تمت لنا بصلة
تشهد محافظة أربيل تصعيدًا خطيرًا يعكس حالة من الانفلات الأمني والتوتر المتفاقم بين السلطات المحلية وأهالي عدد من القرى، في ظل لجوء القوات الأمنية إلى القوة المسلحة بدل معالجة المطالب المعيشية المشروعة.
هذا التطور يضع إقليم كردستان أمام اختبار جديد في ملف الحقوق والحريات، ويثير تساؤلات واسعة حول آليات إدارة الأزمات والتعامل مع الاحتجاجات المدنية في ظل اتهامات متزايدة باستخدام العنف بدل الحوار والاستجابة لمطالب المواطنين
قوائم اعتقال جاهزة
وأفاد مصدر محلي من داخل قرية لاجان، الواقعة بين أربيل والكوير وتضم مصفى لاناز العائد للحزب الديمقراطي الكردستاني، بأن قوة كبيرة مشتركة من قوات گولان التابعة لمنصور مسعود بارزاني وقوات الزيرفاني اقتحمت القرية، في عملية وُصفت بأنها الأوسع منذ سنوات ضد عشائر الهركية في المنطقة.
وقال المصدر إن "عشرات عجلات الهامر والباجر شاركت في العملية بعد ساعات من انقطاع تام للاتصالات والإنترنت، ما أدى إلى عزل القرية عن محيطها ومنع نشر أي صور أو مقاطع من الداخل، فيما باتت الأخبار تصل من القرى والمناطق المجاورة فقط". وأضاف أن "القوات تتحرك وفق قوائم اعتقال جاهزة تستهدف الشباب الذين ظهروا في تسجيلات التجمع أمام مصفى لاناز يوم أمس، بعد أن جرى التعرف عليهم عبر كاميرات المراقبة، وقد بدأت القوات حملة دهم داخل منازل عدة، بالتزامن مع تحليق طائرة مسيّرة فوق القرية تُجري عمليات مراقبة مباشرة، في أول استخدام معلن للدرونات داخل لاجان خلال عمليات الاعتقال". وأوضح أن "اجتماعاً عُقد أمس بين وفد من أهالي لاجان ووزير الداخلية لمحاولة احتواء التوتر، إلا أن الاجتماع انتهى دون اتفاق بعد رفض وفد القرية تسليم الأسلحة أو القبول بأي اعتقالات قبل الإفراج عن معتقلي الأمس، ورغم أن ما بين 50 إلى 60 من الأهالي سلّموا أسلحتهم بشكل فردي بعد الاجتماع أملاً في تهدئة الموقف، فإن ذلك لم يغيّر من قرار الحزب الديمقراطي بنشر قوات گولان والزيرفاني حول القرية وتطويق جميع المداخل". وأشار إلى أن "قوة گولان المستخدمة هذه الليلة هي نفسها، بحسب معلومات أمنية، القوة التي كان الحزب الديمقراطي يحرّكها سابقًا في المعارك ضد تنظيم داعش حتى مشارف الموصل"، لافتا إلى أن "حزب الديمقراطي كلّف هذه القوات الليلة بتنفيذ سلسلة إجراءات تشمل اعتقال شباب القرية، جمعهم داخل مركز محدد تمهيدًا لنقلهم بمركبات إيفا، منع أي دخول أو خروج من القرية حتى الصباح، وإنهاء أي صوت معارض داخل لاجان بعد يومين من الاحتجاجات". وبيّن المصدر أن "نقاط تفتيش ثابتة نُصبت على جميع الطرق المؤدية إلى القرية، فيما يستمر الطوق الأمني حتى اللحظة وسط مخاوف من اتساع حملة الاعتقالات خلال الساعات المقبلة، خصوصًا مع استخدامها الدرونات في المراقبة ومواصلة القوات عمليات الدهم داخل المنازل".
ولفت إلى أن "التوتر بدأ بعد احتجاجات الأهالي أمام مصفى لاناز، للمطالبة بإطلاق سراح المحتجزين وتوضيح أسباب اعتقال شاب من القرية قبل يومين، قبل أن تتطور الأوضاع إلى تطويق كامل وقطع الاتصالات عن المنطقة" وختم المصدر بأن "الوضع داخل لاجان ما يزال غامضًا ومفتوحًا على مزيد من التصعيد، في ظل غياب أي اتصال مباشر مع الأهالي داخل القرية وتعتمد المعلومات على سكان المناطق المحيطة".
ضحايا من المدنيين
وكشف مصدر أمني، امس الأحد، عن مقتل شاب برصاص قوة گولان التي يقودها منصور مسعود بارزاني في قرية لاجان.
وقال المصدر إن "قوة گولان دخلت القرية على خلفية التوتر الذي أعقب تظاهرات نظمها شباب المنطقة للمطالبة بالخدمات وفرص التعيين في مصفاة لاناز القريبة"، لافتاً إلى أن "الانتشار الأمني تحول لاحقاً إلى طوق عسكري كامل، رافقه مواجهات وتفتيش للمنازل واعتقال عدد من الشباب بدعوى التحقيق في ملابسات الاحتجاجات".
وأضاف، أن "الضحية عيرفان كان موجوداً في القرية لزيارة أقاربه ولم يكن من منظمي الاحتجاجات، إلا أنه أصيب برصاصة مباشرة أثناء محاولة القوات تفريق التجمعات، ليفارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى".
من جهته، قال والد الضحية ، إن "ابني كان يبحث عن قوت يومه، واقترضتُ المال لأزوّجه وأفرح به، وقبل شهرين رزق بمولود وأصبح أباً، والآن ذهب مني برصاص الأسايش".
وأضاف أن "تقرير الطب الشرعي أثبت أن الوفاة ناتجة عن إصابة بقذيفة خفيفة، وليس طلقاً نارياً في الرأس كما زُعم في البداية".
المعارضة تهاجم
بدورها اتهمت كتلة الجيل الجديد في برلمان إقليم كردستان، حكومة أربيل بالعجز عن التعامل مع مطالب المواطنين، عقب أحداث قرية لاجان التابعة لمحافظة أربيل.
وذكرت الكتلة في بيان صحفي أن "قوة مسلحة أقدمت، في حادثة تكررت أكثر من مرة، على إطلاق النار ردًّا على احتجاجٍ مدني نفّذه عدد من شباب وسكان قرية لاجان، المطالبين بحقوق قانونية ومشروعة".
وأضافت أن "تكرار هذه الاعتداءات، ومواجهة المتظاهرين السلميين بالرصاص، يؤكد أن الحكومة المنتهية ولايتها عاجزة تمامًا عن معالجة أي مشكلة تخص المواطنين".
وبيّنت أن "غياب الإرادة الحقيقية لدى الحكومة في إيجاد حلول لمشاكل المواطنين، ولا سيما أزمة بطالة الشباب، دفعها إلى التعامل مع المطالب المشروعة والسلمية باستخدام السلاح بدل الاستجابة لها".
وأكدت كتلة الجيل الجديد دعمها لأي تظاهرة أو احتجاج مدني سلمي بعيد عن العنف، مطالبة في الوقت ذاته بـ "محاسبة مطلقي النار أياً كانت الجهة التي ينتمون إليها، وإنزال العقوبات القانونية بحقهم".
ودعت،حراك الجيل الجديد، الحزبين الحاكمين في الإقليم إلى "وقف استخدام العنف والسلاح ضد المتظاهرين، والشروع بتوفير فرص عمل حقيقية وعادلة للشباب والمواطنين، بدل قمع مطالبهم".