مناصب في "مزاد" الأحزاب.. سفارات العراق تتحوّل إلى جوائز ترضية لـ"المتنفذين"!

أمس, 16:58
1 140

أثار ملف ترشيحات السفراء الجدد في العراق موجة انتقادات حادّة وجدلاً واسعاً، بعد تداول قائمة تضم قرابة 100 اسم، وُصفت بأنها تمثّل "تحاصصاً حزبياً فاضحاً"، بعيداً عن المعايير المهنية والكفاءة المطلوبة للعمل الدبلوماسي.


وتحوّلت التعيينات في السلك الدبلوماسي، بحسب مراقبين، إلى ما يشبه سوق توزيع النفوذ، حيث تُمنح المناصب الخارجية كمكافآت للموالين والمحسوبين على الكتل السياسية، بدلاً من أن تكون ناتجة عن تقييم مهني موضوعي يضمن تمثيلاً لائقاً للعراق في الخارج.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



تسريبات تُشعل الشارع وتُربك البرلمان


وثيقة مسرّبة تداولتها وسائل إعلام ومنصات التواصل، ضمّت أسماء مرشحين بينهم أقارب وزعماء سياسيين، وأبناء نواب ومسؤولين حاليين وسابقين لم يحصلوا على مناصب تنفيذية أو تشريعية في الدورة الحالية.


هذه الأسماء فجّرت سخطاً شعبياً وسياسياً، خصوصاً في ظل ما يراه المواطنون تدهوراً مستمراً في الأداء الدبلوماسي وتراجع صورة العراق خارجياً، مقابل تغوّل منطق المحاصصة وتقاسم الدولة كغنيمة.


القانون بوابة للتلاعب


ينص قانون الخدمة الخارجية رقم (45) لسنة 2008 على أن يُعيّن السفير بمرسوم جمهوري، بناءً على ترشيح من وزير الخارجية، وتوصية مجلس الوزراء، وموافقة البرلمان. ويشترط القانون الكفاءة والنزاهة والشهادة الجامعية وإجادة لغة أجنبية، لكنه يفتح ثغرة مثيرة للجدل: إمكانية تعيين 25% من السفراء من خارج السلك الدبلوماسي.


هذه الفقرة أصبحت، بحسب مختصين، أداة قانونية لتكريس المحاصصة، وتمرير أسماء لا تمتلك الخلفية أو المؤهلات، وإنما تستند فقط إلى "الولاء السياسي".


الخارجية تنفي والبرلمان يتخبّط


وزارة الخارجية سارعت إلى نفي صحة القوائم المتداولة، مؤكدة أن الترشيحات لم تُعلن رسمياً، وأن أي قرار يتم وفق آليات دقيقة ومهنية، وبما يتوافق مع القانون، إلا أن هذا النفي لم يخفّف من الغضب، حيث يرى كثيرون أن النفي لا يُبدّد الشكوك في ظل سوابق مماثلة.


في المقابل، حمّل سياسيون وخبراء البرلمان مسؤولية "تشريع الفوضى"، معتبرين أن النواب أنفسهم من صاغوا الاستثناءات القانونية التي تمكّن الكتل من فرض مرشّحيها على الدولة، بل ويعجزون الآن عن التصدي لهذه الموجة.


دبلوماسية بلا دبلوماسيين؟


تحوّل السلك الدبلوماسي العراقي، وفقاً للانتقادات، إلى "منفى سياسي فاخر" لمن لم يحصلوا على حصة في التشكيلات الحكومية، أو وسيلة لتكريم شخصيات حزبية بامتيازات مالية ومكانة دولية، بينما يتم تهميش الكوادر الدبلوماسية ذات الخبرة، وتجميد الكفاءات الأكاديمية والمؤهلة.


وحذّر مختصون، من أن المشهد الدبلوماسي الحالي يهدد صورة العراق الخارجية، ويعكس خللاً هيكلياً في كيفية إدارة الدولة، مطالبين بإصلاح جذري للقانون، وإلغاء الاستثناءات، ووضع معايير صارمة تستند فقط على الكفاءة والخبرة.