القضاء يعلن الحرب على المحتوى الهابط.. معركة لإنقاذ المجتمع من "التفكك والإنحراف"
قرار عراقي خالص.. مستشارية الأمن القومي تنهي الجدل: لن يُفرض علينا أحد حل الحشد
أنقرة تسرق المياه وبغداد تتفرج.. الحكومة غائبة وعاجزة
الانسحاب الصامت.. كيف تعيد واشنطن ترتيب أوضاعها في العراق؟
أنقرة تسرق المياه وبغداد تتفرج.. الحكومة غائبة وعاجزة
تشهد الساحة العراقية تحولات استراتيجية لافتة، في مقدمتها بدء تنفيذ قرار إعادة تموضع القوات الأميركية ضمن إطار التحالف الدولي، في خطوة تثير تساؤلات جوهرية حول مآلات المشهد الأمني ومستقبل الشراكة مع واشنطن.
إعادة انتشار أم انسحاب؟
المستشار العسكري صفاء الأعسم أكد أن ما يجري لا يُعد انسحابًا بالمعنى التقليدي، بل هو عملية "إعادة تموضع تكتيكية" تندرج ضمن خطط معدّة مسبقًا تحسبًا لتطورات إقليمية محتملة، خصوصًا في ظل التصعيد بين إسرائيل وإيران.
وبحسب الأعسم، فإن نحو 600 عنصر من القوات الأميركية البرية جرى نقلهم إلى سوريا، بينما يجري إعادة انتشار باقي القوات إلى قواعد بديلة داخل العراق، خصوصًا في إقليم كردستان. كما رجّح إنهاء الوجود القتالي للتحالف الدولي بالكامل بحلول عام 2026، مع الإبقاء على شراكات ثنائية استراتيجية لدعم القوات العراقية.
الفراغ الأمني.. واقع أم مبالغة؟
رغم تأكيد المسؤولين العراقيين أن القوات الأمنية قادرة على ملء الفراغ، إلا أن الخبير الأمني د. عماد علو، رئيس "مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والاستراتيجية"، حذّر من سيناريوهات قد تتراوح بين انسحاب سلس وآخر يُحدث ثغرات أمنية خطيرة.
وأشار إلى أن العراق يمتلك القدرة البشرية الكافية، لكن يفتقر إلى الدعم الجوي والاستخباري المتقدم، ما قد يُضعف الاستجابة السريعة للتهديدات. وأوضح أن التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش"، ما زالت تمتلك خلايا نائمة تنتظر اللحظة المناسبة لإعادة التموضع.
وفقًا لعلو، يمكن تلخيص المسارات المقبلة في ثلاثة سيناريوهات رئيسية: انسحاب سلس، تتولى فيه القوات العراقية السيطرة الكاملة دون فراغ أمني.
ضعف في الغطاء الجوي والاستخباري، مما يؤدي إلى ثغرات تستغلها جماعات مسلحة.
انسحاب متسرع يُفضي إلى تصعيد أمني وتنشيط التنظيمات الإرهابية، مع احتمال العودة إلى دوامة العنف.
الجدل السياسي حول الانسحاب يعكس انقسامًا واضحًا داخل أروقة القرار العراقي. فبينما تطالب قوى برحيل كامل للقوات الأجنبية، ترى أطراف أخرى أن بقاء جزء من تلك القوات ضرورة مؤقتة لدرء المخاطر.
ويخشى مراقبون من أن تتحول هذه الانقسامات إلى بيئة خصبة لصراعات داخلية، خصوصًا إذا ترافقت مع تراجع في الأمن أو تزايد التهديدات من الخارج، سواء من التنظيمات المسلحة أو من أطراف إقليمية فاعلة كتركيا وإيران.
السياسي المستقل عائد الهلالي أشار إلى أن انسحاب القوات القتالية لا يعني نهاية الشراكة مع الولايات المتحدة، بل هو بداية لتحول في طبيعة العلاقة، من وجود عسكري مباشر إلى تعاون أمني واستشاري ودبلوماسي.
وأكد الهلالي أن الحكومة تسعى لترسيخ سيادة القرار العراقي، عبر إبعاد البلاد عن التجاذبات الإقليمية، وتعزيز دور بغداد كوسيط إقليمي يوازن بين المحاور دون انخراط في الصراعات.
ومع اقتراب الموعد النهائي لإنهاء مهمة التحالف الدولي نهاية أيلول الجاري، يبدو العراق أمام لحظة مفصلية. فبين طموحات السيادة ومخاوف الفراغ الأمني، يبقى نجاح المرحلة المقبلة مرهونًا بقدرة المؤسسات العراقية على الإمساك بزمام المبادرة، وضبط الإيقاع الأمني وسط تعقيدات الداخل ومخاطر الخارج.