جدد خبراء تحذيراتهم من زيادة نسب التلوث في العراق جراء ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف الحالي؛ ما ينتج عنه مخاطر كبيرة على الإنسان والبيئة، لا سيما وأن البلاد حلت في المركز الثاني في قائمة أعلى دول العالم تلوثاً لعام 2023، وفق دراسة أعدتها شركة "أي كيو إير" السويسرية المعنية بقضايا تنقية الهواء، إذ سجل العراق تلوثاً بمقدار 80.1 ميكروغراماً في المتر المكعب.
وقررت الحكومة العراقية في حزيران الماضي، تقليص ساعات العمل في المؤسسات الحكومية بواقع ساعة واحدة؛ بغرض التخفيف عن الموظفين، وترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية.
ويؤكد الخبير البيئي أحمد حسن، أن "مخاطر ارتفاع درجات الحرارة كبيرة، لا سيما على البيئة؛ إذ تزيد من حجم التلوث لأسباب عدة، من بينها زيادة استخدام الطاقة عبر التشغيل المستمر لمولدات الكهرباء الأهلية التي تعمل بالوقود، جراء عدم قدرة الحكومة على تزويد السكان بالكهرباء على مدار اليوم، ما يزيد الملوثات في الأحياء السكنية".
ويضيف حسن، أن "ارتفاع درجات الحرارة يتسبب بتفاقم الحرائق التي تسهم في زيادة تلوث الهواء والمياه، كما تؤدي الحرارة العالية إلى زيادة معدلات تبخر المياه من الأنهار والبحيرات والسدود، ما يؤدي إلى تركيز الملوثات الذي يؤثر على جودة المياه، والعراق يعاني أساساً من شح المياه".
انتشار الأمراض
ويربط أخصائي الامراض المعدية، عمار الحيالي، بين ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء وتلوث البيئة من جهة، وبين انتشار الأمراض من جهة ثانية؛ مؤكداً أن هذه الظروف المناخية تخلق بيئة مواتية لتكاثر البكتيريا والفيروسات والطفيليات، ما يزيد من تفشي الأمراض بين السكان.
ويوضح الحيالي، أن "أمراض الصيف الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة تظهر بوضوح في المستشفيات والمراكز الصحية، وأبرزها أمراض الجهاز التنفسي، مثل الربو والتهاب الشعب الهوائية، إضافة إلى انتشار الإجهاد الحراري، وضربات الشمس، وزيادة التسمم الغذائي جراء فساد الأطعمة نتيجة تعطل أجهزة التبريد أو توقفها لفترات طويلة بسبب انقطاع الكهرباء، فضلاً عن مخاطر انتقال الأمراض المرتبطة بتلوث المياه مثل الكوليرا".
خدمات غائبة
ويشكو كثير من العراقيين من نقص كبير في الخدمات الحكومية، ومن تردي البنية التحتية التي تعاني الإهمال على مدار عقود عدة، وفي مقدمة الخدمات المتردية تراجع مساحات المتنزهات والحدائق، التي فضلاً عن توفيرها متنفّساً متسعاً للسكان، فإنها تمثل درعاً للبيئة من زيادة التلوث وارتفاع درجات الحرارة. وفي حين تدعم دول عديدة عمليات التشجير، وبعضها يجري عبر حملات رسمية، لا توجد في العراق مثل هذه الحملات رغم أن التصحر ظاهر، ويتسارع على نحو يمثل تهديداً للمستقبل البيئي.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير البيئي صالح الشمري، "يمثل التصحر تحدياً بيئياً كبيراً، وله تأثيرات سلبية متعددة على البيئة والزراعة وعلى المجتمعات المحلية".
كوارث تجاوزت الحدود
ويضيف الشمري، أن "مشكلة التصحر تتفاقم في العراق بسبب العديد من العوامل، أهمها تغير المناخ، والاستخدام غير المستدام للأراضي، وإزالة البساتين والأشجار، والتعديات على الأراضي الزراعية، فضلاً عن تبعات الحروب، إضافة إلى تدهور الموارد المائية. التصحر يسهم كثيراً في التلوث، وهذا التلوث المتزايد لا يؤثر فقط على العراق، بل على الدول المحيطة، إذ تزايدت العواصف الترابية، وباتت تنتقل من العراق إلى الدول المجاورة".
ويدعو الشمري إلى "تعاون دولي لدعم العراق من أجل الوصول إلى حلول للحفاظ على بيئته التي تمثل جزءاً من البيئة الإقليمية والدولية"، محذراً من "كوارث بيئية ومخاطر عدة تهدد السكان، والزراعة، والمياه، والإنتاج الحيواني، والتنوع البيولوجي. ينبغي دعم العراق لتدارك التدهور البيئي الخطير الذي يعاني منه السكان".