تحاول حكومة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني محاربة الفساد بشتى الطرق، بعد أن ثبت النظام السياسي في العراق فشله منذ تأسيسه في أعقاب الغزو الأميركي عام 2003 حيث لا يزال هذا البلد الغني بموارده الطبيعية الكبيرة، يتصارع مع الفساد المتفشي الذي تغلغل في أنظمته السياسية والاقتصادية.
وقالت عبد المطلب في تصريحات صحفية تابعها "سنترال"، إنه "لا يوجد رقم دقيق عن حجم الاموال المنهوبة في العراق بعد 2003، لكن كل المؤشرات تدل على إنها مئات المليارات من الدولارات بعضها هُرّب للخارج والبعض الاخر تحول الى دعم بناء اجنحة اقتصادية لأحزاب وقوى وشركات".
واضافت ان "بيئة الاستثمار في العراق تسير عكس الاتجاه بالعالم من ناحية انه يمكن لأي شخص يملك 100 ألف دولار ان يستثمر في مشروع قيمته 100 مليون دولار وهذه مفارقة خاصة وان الدولة تقدم الارض مجانا وهو يبني بأموال الزبائن خاصة في مشاريع الاسكان التي تمثل بيئة خصبة لجذب الاموال".
وأشارت عبد المطلب الى ان المال الاسود في (اشارة الى المال الفاسد والمنهوب) "موجود في كل القطاعات ومنها الاستثمارات لكن امكانية كشفه صعب ومعقد لأنه ليس هناك اموال بأسماء ساسة، الا أن رؤية مستوى الرخاء والبذخ ومقارنته مع وضعهم قبل سنوات تعطي مؤشرا عن حجم الفساد".
واوضحت ان "اموال فاسدة هربت الى دول الجوار وتم زجها في مشاريع استثمارية كبيرة أنعشت اقتصاديات عواصم عدة حتى ان تلك الدول لا تتعاون بشكل فعلي مع بغداد من اجل بيان مصير اموال العراق لأنها مستفيدة بطرق مختلفة"، مبينة أن "البحث عن اموال العراق السابقة صعب لكن الاهم هي اعادة النظر في ملف الاستثمارات وجعلها ضمن نطاق يخدم اقتصاد البلاد واقرار خطوات جادة لمكافحة الفساد من اجل الحفاظ على ما تبقى من ثروات البلاد".
ويصنّف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، إذ احتل العراق حاليا المرتبة الخامسة بين الدول الأكثر فسادا في العالم.
النائب السابق في البرلمان العراقي رحيم الدراجي قال، إن "حكومة السوداني تشكلت وفق المنهاج الذي تشكلت عليه الحكومات السابقة، وهو المحاصصة والمصالح الحزبية والشخصية لبعض الزعامات السياسية، ولهذا لن تجد منها أي جدية لفتح ملفات الفساد الكبيرة، لتورط الطبقة السياسية الحاكمة بتلك الملفات بالدرجة الأساس".
وتابع الدراجي، أن "الكثير من ملفات الفساد لا تستطيع حكومة السوداني فتحها أو التحقيق فيها، بسبب وجود ضغوط وتهديدات سياسية للحكومة في حال التقرب منها، كونها تُدين جهات وشخصيات متنفذة، ولهذا حتى التحقيقات في سرقة القرن تراجعت بسبب تلك الضغوط، من أجل عدم كشف الحقيقة والجهات الحقيقية المتورطة بهذه السرقة الكبيرة".
ولا ينكر المسؤولون العراقيون وجود الفساد المستشري في أجهزة الدولة، من خلال خطاباتهم وندواتهم السياسية أمام الإعلام.
وتتفاوت تقديرات المسؤولين حيال قيمة ما خسره العراق جراء الفساد، بين 450 إلى 650 مليار دولار بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003. وقد وقع أغلبها في الفترة بين 2006 و2014، التي شهد فيها العراق جرائم فساد ضخمة، خصوصاً في المشاريع المتعلقة بقطاعات الإسكان والصحة والتعليم، والطرق، والجسور، والطاقة، وتسليح الجيش العراقي، عدا عن الانتهاكات الإنسانية والحقوقية الممنهجة والواسعة.
ويعلم الجميع أن الموضوع الوحيد الذي اتفقت عليه القوى السياسية المشاركة في الحكومة هو تقاسم الوزارات ومؤسسات الدولة وتحويلها إلى مصادر ريعية لها.
ويعد الفساد المتجذر هذا عائقا خطيرا أمام تنمية البلاد، مما يقوض ثقة الشعب ويشل كل الجهود لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.