إيران ترفض التفاوض المباشر مع ترامب وتحدد شروطها: لن تخيفنا التهديدات
ملف الكهرباء في العراق.. واشنطن تستخدم سلاح الطاقة لابتزاز الحكومة والشعب
هلال العيّد يزيد خلافات "البيت السني".. اتهامات و "تخوين" يعكسان صورة "التشتت"!
رغم دعوات إخراج القوات الأجنبية من العراق.. الحكومة توافق على إنشاء معسكر لبعثة الناتو
مع قرب حلول العيد.. مخاوف من انتشار ألعاب العنف بين الأطفال
مع اقتراب موعد الانتخابات في ظل الظروف السياسية والإقليمية المضطربة، تشهد المنطقة ظاهرة متزايدة من انتشار الشائعات والأخبار المضللة، إضافة إلى تصاعد الخطابات الطائفية. هذه الظواهر تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن والاستقرار، حيث يُستغل الوضع لتحقيق مكاسب سياسية من قبل بعض الجهات.
حملات التضليل وتأثيرها
يؤكد العميد نبراس محمد، رئيس قسم الشائعات في وزارة الداخلية، أن هناك عاملين رئيسيين في انتشار الشائعات: الأهمية والغموض. فكلما كان الحدث ذا صلة بالأوضاع الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية للأفراد، زادت وتيرة تداول الأخبار، وغالبًا ما تكون مغلوطة أو مضللة. أما العنصر الثاني، فيتمثل في الغموض، حيث تفتقر الأخبار الكاذبة إلى التفسير أو تُواجه بنفي غير واضح، مما يساعد في انتشارها بسرعة.
وأشار العميد محمد إلى أن التطور التكنولوجي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي قد ساهم في تسريع تداول الشائعات، مما يخلق تدفقًا هائلًا للمعلومات، بعضها غير دقيق أو مضلل. وتزداد خطورة هذه الظاهرة في ظل التوترات الإقليمية والعربية التي تلقي بظلالها على الأمن الداخلي، مما يجعل الشخصيات السياسية والأمنية هدفًا رئيسيًا لهذه الحملات.
وأضاف أن قسم محاربة الشائعات يعمل على مدار الساعة بالتنسيق مع الجهات المعنية لتفنيد الأخبار الكاذبة، كما يتم التنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات لمراقبة الصفحات التي تروج لهذه الشائعات، واتخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك إغلاق الصفحات أو رفع دعاوى قضائية ضد مروجيها.
في ختام حديثه، دعا العميد محمد المواطنين إلى استقاء الأخبار من مصادرها الرسمية والموثوقة، والتحلي بالحذر من الانجرار وراء الأخبار المضللة، التي تشكل تهديدًا للأمن الاجتماعي والسياسي.
كما أكد الناطق باسم القائد العام في بيان، على ضرورة أخذ الأخبار من المصادر الرسمية فقط، نافيًا الأخبار المتعلقة بتشكيل خلية أزمة أمنية برئاسة رئيس مجلس الوزراء. ودعا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد القنوات والوكالات التي تنشر الأخبار المضللة.
هيئة الإعلام والاتصالات دعت جميع وسائل الإعلام إلى الالتزام بالمهنية والمسؤولية في نشر الأخبار، وتجنب تداول المعلومات غير المؤكدة التي يمكن أن تؤدي إلى تضليل الرأي العام أو الإضرار بمصالح البلاد. شددت الهيئة على ضرورة استقاء الأخبار من المصادر الرسمية حصريًا، ومواجهة أي محاولة لتشويه العلاقات الدولية للعراق أو التأثير على استقراره الداخلي.
إضافة إلى الشائعات، تُعد الخطابات الطائفية من أخطر التهديدات التي تواجه المجتمع. يؤكد الأكاديمي والباحث الاستراتيجي، الدكتور هاني عاشور، أن هذه الخطابات تهدد وحدة البلاد، خاصة في دولة متعددة الأديان والطوائف. هذه الخطابات تفتقر إلى الرؤية الوطنية، وتعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي وإثارة الفتن، في ظل وجود أجندات خارجية تسعى إلى تقسيم الدول.
وأشار عاشور إلى أن القوى الاستعمارية استخدمت الطائفية كأداة لتفكيك المجتمعات العربية خلال القرن العشرين، إلا أن الحركات الوطنية العربية تصدت لهذه السياسات عبر الدعوة إلى الاستقلال والوحدة الوطنية. وأكد على ضرورة أن تتخذ الحكومة إجراءات قانونية صارمة ضد هذه الظاهرة، مع التأكيد على أهمية دور هيئة الإعلام والاتصالات في محاربة المؤسسات الإعلامية التي تروج للخطاب الطائفي.
استغلال الخطاب الطائفي في السياسة
على الرغم من أن الخطاب الطائفي في العراق لم يعد يؤثر بشكل جوهري في استقرار المجتمع، فإنه لا يزال يُستخدم أداة سياسية من بعض الأحزاب لتشكيل تحالفات جديدة واستقطاب الجماهير، خاصة في أوقات الانتخابات. يرى المحلل السياسي عصام الفيلي أن بعض الأحزاب تستغل الخطاب الطائفي للتعويض عن فشلها في تقديم مشروع دولة حقيقي.
وأكد الفيلي أن هذه الظاهرة تُستخدم في بعض المناطق لخلق اصطفافات سياسية، مع استغلال التراث الديني بطريقة طائفية لتحقيق مكاسب سياسية.
الخبير القانوني جبار الشويلي أشار إلى أن الدستور العراقي يضمن حقوق جميع المواطنين، ويعد خطاب الكراهية والطائفية تهديدًا للأمن الوطني، مما يقتضي تجريمه قانونيًا.
وأضاف الشويلي أن مجلس النواب يجب أن يتخذ دورًا نشطًا في مراقبة هذا الخطاب ومحاسبة مروجيه.
التحديات القانونية
وأوضح النائب رائد حمدان المالكي أن قانون العقوبات العراقي وقانون مكافحة الإرهاب يتضمنان نصوصًا تعاقب على التحريض الطائفي، حيث تصل العقوبات إلى السجن المؤبد أو الإعدام في حالات إثارة الفتنة الطائفية. ورغم وجود هذه النصوص القانونية، إلا أن التطبيق الفعلي لها يظل محدودًا بسبب الثغرات القانونية والتفسير القضائي.
أشار المالكي إلى أن تطبيق هذه القوانين ما زال يواجه تحديات، خاصة في ظل غياب قانون ينظم حرية التعبير بشكل دقيق. ودعا إلى ضرورة تطوير التشريعات القانونية لمكافحة الخطاب الطائفي بشكل أكثر فعالية، مع التأكيد على أهمية دور القضاء في التعامل مع هذه القضايا بشكل صارم.
تعد الشائعات والخطابات الطائفية من أخطر التهديدات التي تواجه استقرار العراق، وخاصة في ظل الظروف السياسية الحالية. لذا، يتعين على المواطنين الالتزام بالمصادر الموثوقة للأخبار، وعلى المؤسسات الإعلامية أن تتحمل مسؤوليتها في تحري الدقة والمصداقية. كما يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات قانونية صارمة لمكافحة هذه الظواهر، لتعزيز الوحدة الوطنية وضمان الأمن والاستقرار في البلاد.