إعلان كويتي وصمت عراقي.. "طعن رئاسي" بقرار القضاء بشأن اتفاقية خور عبدالله وحديث عن "تنازل خطير"

12:03, 17/04/2025
1 192

أثار الطعن الذي تقدم به كل من رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني ضد قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن اتفاقية خور عبدالله، موجة من الجدل السياسي والقانوني، وسط تحذيرات من تداعيات القرار على ميناء الفاو الكبير والمصالح  الحدودية البحرية العراقية الاستراتيجية.

وفي تطور مفاجئ، جاء الإعلان عن الطعن عبر وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، دون إصدار أي بيان رسمي من الجانب العراقي صاحب الطعن، ما أثار تساؤلات في الأوساط السياسية والإعلامية حول شفافية القرار وتوقيته.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

تنازل حكومي خطير

ويؤكد رئيس كتلة حقوق النيابية، النائب سعود الساعدي، أن الحكومة العراقية لا تملك صلاحية التنازل عن أي جزء من السيادة البحرية العراقية، مشددًا على أن القضاء العراقي هو الجهة الوحيدة المخولة بالفصل في الخلاف الدستوري بين البرلمان والحكومة فيما يخص اتفاقية خور عبدالله.

جاء ذلك في معرض تعليقه على الطعن المزدوج الذي قدمه كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء أمام المحكمة الاتحادية العليا بشأن قرارها السابق حول بطلان التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله بين العراق والكويت.

وقال الساعدي إن ما جرى يُعد "تنازلاً حكومياً خطيراً عن الحدود البحرية وتزييفًا للحقائق لصالح الكويت"، محذرًا من أن هذا التوجه قد يُفقد العراق حقوقه الاستراتيجية في مياهه الإقليمية.

وتساءل الساعدي: "هل سبق وأن طالب رئيس مجلس الوزراء بإدراج موضوع قرار خور عبدالله على جدول أعمال مجلس الوزراء من أجل إصدار قرار رسمي بتنفيذه؟"، داعيًا الحكومة إلى توضيح موقفها الرسمي والنهائي تجاه هذا الملف الحساس.

وفي سياق متصل، طالب وزير العدل بتزويده بنسخة من جريدة الوقائع العراقية التي تم فيها نشر قرار المحكمة الاتحادية المتعلق بخور عبدالله، وذلك بهدف توثيق الأسس القانونية المعتمدة في الحكم.

 

طعن مثير للريبة

بدوره قال الخبير في شؤون الحدود الدولية، اللواء جمال الحلبوسي، إن توقيت الطعن "يثير الريبة"، خاصة أنه جاء بشكل مشترك من رئاستي الجمهورية والوزراء.

 واعتبر أن اتفاقية خور عبدالله "هي في جوهرها اتفاقية ترسيم حدود، وليست مجرد اتفاقية تنظيم ملاحة كما يُروَّج لها"، مشيراً إلى أن العراق مُنع من الملاحة في الخور منذ عام 1962، وأن الاتفاقية تتضمن ما وصفه بـ"التدليس" وتجاوزات على الحقوق العراقية.

وأضاف الحلبوسي ان "هناك محاولات للالتفاف على قرار المحكمة الاتحادية، وأنا مستعد لكشف المتورطين بالأسماء".

 

دفاع عن قرار القضاء

من جهته، دافع رئيس كتلة تصميم النيابية، النائب عامر الفايز، عن قرار المحكمة الاتحادية، مؤكدًا أنه "جاء بناءً على أسس قانونية صحيحة"، حيث سجلت المحكمة أن اتفاقية تنظيم الملاحة مع الكويت لم تُصوَّت عليها بشكل صحيح داخل البرلمان العراقي، مما يشكل خرقًا دستوريًا.

وأوضح الفايز أن المحكمة مارست دورها الرقابي في التأكد من شرعية المعاهدات الدولية، وأن أي تعديل أو التزام يجب أن يتم ضمن الأطر الدستورية السليمة، مشددًا على ضرورة احترام قرارات القضاء العراقي.

وتابع ان "القرار لا يهدف إلى الإضرار بالعلاقات مع الكويت، بل لحماية السيادة العراقية"، مشيرًا إلى أن أي إشكالات يمكن حلها دبلوماسيًا دون التفريط بحقوق العراق البحرية.

 

تداعيات القرار

ويرى مراقبون أن قرار المحكمة الاتحادية، رغم طابعه القانوني، يحمل تأثيرًا مباشرًا على مستقبل مشروع ميناء الفاو الكبير، إذ يُعد خور عبدالله ممرًا بحريًا حيويًا يربط الميناء بالخليج العربي.

ويحذر خبراء من أن أي تأييد للطعن المقدم من الرئاسات قد يُفسَّر على أنه تنازل ضمني عن حقوق العراق في الممرات البحرية، ما يُعقّد من قدرة العراق على تنشيط حركة الملاحة والتصدير من ميناء الفاو، وبالتالي يؤثر على الجدوى الاقتصادية والاستراتيجية للمشروع.

 

الكويت تصعّد

ووفقًا لوكالة الأنباء الكويتية، فإن الطعن المقدم من العراق يُعد بمثابة محاولة لإعادة تفعيل الاتفاقية التي أُبرمت عام 2012، وصادق عليها برلمان البلدين في 2013. ورغم ذلك، رأت الكويت أن حكم المحكمة العراقية في 2023 احتوى على "مغالطات تاريخية"، وطالبت بغداد بـ"إجراءات عاجلة وحاسمة".

وبحسب المصدر الكويتي، فإن الخطوة العراقية الأخيرة "تعكس التزام العراق بالاتفاقيات الدولية والمادة الثامنة من الدستور"، التي تنص على احترام سيادة الدول المجاورة، في محاولة لاحتواء الأزمة سياسيًا.


خلاصة المشهد

يبقى الملف مفتوحًا على سيناريوهين: فإما أن تقبل المحكمة التمييزية الطعن وتُعيد الاعتبار للاتفاقية، وهو ما قد يُسهم في تهدئة العلاقات مع الكويت، لكنه قد يُثير جدلاً داخليًا بشأن التفريط بحقوق العراق البحرية؛ أو أن تؤيد المحكمة الاتحادية قرارها السابق، ما يُكرّس السيادة القانونية، لكنه يحمل مخاطر دبلوماسية على مستوى العلاقة مع الكويت وربما على مستقبل ميناء الفاو كمشروع وطني استراتيجي.

في كلتا الحالتين، يبدو أن العراق على أعتاب أزمة جديدة تتقاطع فيها السياسة مع القانون والسيادة مع المصالح الدولية، وسط حاجة ماسة إلى موقف وطني موحد يوازن بين الحقوق والمصالح دون المساس بالثوابت الدستورية.