العراق في "قبضة الجفاف".. كيف سيتم انقاذ ما تبقى من المياه؟
ملامح موازنة 2026.. نهاية للاقتراض العشوائي وبداية لعصر الإيرادات الذاتية
رغم ضجيج أردوغان الإعلامي.. العراق يُكابد جفافاً غير مسبوق وأيادِ خفية تستغله لتأجيج الشارع
تركيا تُسقط اتفاق النفط مع العراق.. ضربة دبلوماسية أم إعادة رسم للنفوذ؟
رغم ضجيج أردوغان الإعلامي.. العراق يُكابد جفافاً غير مسبوق وأيادِ خفية تستغله لتأجيج الشارع
في بلدٍ كانت دجلة والفرات شرايينه الأبدية، يعيش العراق اليوم على حافة عطشٍ تاريخي، في ظلّ أسوأ أزمة مائية منذ ثمانية عقود، الجفاف يخنق الأرض والناس، والسلطات تلهث خلف حلول تُنقذ ما تبقى من الخزين المائي المتآكل، وبينما يهبط منسوب النهرين العظيمين إلى مستويات غير مسبوقة، تطرح وزارة الموارد المائية "مشاريع حصاد المياه" كورقة أخيرة في مواجهة الأزمة.
أزمة وجودية.. الوقت ينفد
بحسب المتحدث الرسمي باسم الوزارة، خالد شمال، فإن الأزمة الحالية تفوق في خطورتها ما شهده العراق في العام 2024، حيث تقلّص الخزين الاستراتيجي إلى نحو 10 مليارات متر مكعب فقط، مقارنة بـ18 ملياراً يفترض توفرها مع بداية فصل الصيف.
وقال شمال خلال مشاركته في مؤتمر بغداد الدولي الخامس للمياه: "ما يصل إلى العراق من نهري دجلة والفرات لا يتجاوز 40% من حصته المفترضة. ومع شح الأمطار وندرة الثلوج، فإن الواردات المائية وصلت إلى مستويات كارثية".
وأضاف أن الحكومة اضطرت لتقليص الخطة الزراعية الصيفية، مع الحفاظ فقط على المساحات الخضراء والبساتين المثمرة، بعد أن كانت قد سمحت العام الماضي بزراعة نحو 2.5 مليون دونم.
رئة مائية بديلة
تشمل مشاريع الحصاد الجديدة إنشاء سدود ترابية صغيرة وخزانات لتجميع مياه السيول والأمطار، مع إمكانية إعادة استخدامها في الري أو الشرب أو تغذية المياه الجوفية.
وقال المهندس أحمد الربيعي، الخبير في شؤون الري والمياه، إن "حصاد المياه هو أداة مرنة وفعالة، خاصة في البيئات التي تعاني من شح دائم. يمكن لهذه المشاريع أن توفر حلولاً بيئية واقتصادية طويلة الأمد، خصوصاً في المناطق الريفية التي تفتقر إلى مصادر مياه مستقرة".
ويضيف: "هناك إمكانات كبيرة لتحويل هذه الخزانات إلى مشاريع تنموية، سياحية وحتى زراعية، مما يخلق فرص عمل ويساهم في استقرار المجتمعات المحلية".
ويرى مختصون أن أزمة المياه في العراق لم تعد قضية بيئية فقط، بل باتت ترتبط مباشرة بالأمن الغذائي والاستقرار السياسي. ومع ارتفاع درجات الحرارة المستمر منذ أكثر من خمس سنوات، وتراجع الواردات المائية من دول المنبع كتركيا وإيران، فإن الضغط يتصاعد على الحكومة لإيجاد حلول سريعة ومستدامة.
وبينما تسعى السلطات إلى توسيع استخدام تقنيات الري الحديثة، يبقى التعويل الأكبر في الوقت الراهن على نجاح مشاريع الحصاد في تأمين الحد الأدنى من احتياجات البلاد، وتوفير المياه لما يقارب 46 مليون نسمة.