موازنة العراق في مهبّ العجز.. اقتصاد ريعي على حافة الانهيار وغياب الإصلاح يفاقم الأزمة
بين نداء المرجعية ولهيب الاقتتال في الشام.. قصة وطن اختار الحياة على الموت المجاني
معلومات استخبارية وتحركات داخلية مشبوهة تمهد لمخطط صهيوني-غربي لإعادة رسم المشهد في العراق
مخطط غربي _ إسرائيلي لإسقاط النظام في العراق.. ضربات وشيكة وفوضى عارمة
تصاعد الغضب الشعبي في الإقليم.. دعوات نيابية لانتفاضة نيابية شعبية وحكومة إنقاذ وطني
وسط تقلبات الأسواق العالمية وتراجع أسعار النفط، يواجه العراق أزمة مالية تتكرر كل عام تقريباً، لكن موازنة 2025 تبدو أكثر تعقيداً، في ظل تضخم إنفاق حكومي متصاعد، وانعدام الجدية في إصلاح بنية الاقتصاد المتآكلة، ما يضع البلاد أمام مفترق طرق محفوف بالمخاطر.
ويضيف التميمي أن "أخطر ما في الأمر ليس حجم العجز بحد ذاته، بل استمرار تغذيته بنفس الأسباب: إنفاق تشغيلي متضخم، رواتب ومخصصات تستنزف الخزينة، ومشاريع غير مدروسة تفتقر للجدوى الاقتصادية، بينما تغيب أي خطوات فاعلة لتنويع مصادر الدخل أو تقليل الاعتماد على الريع النفطي".
نظام ضريبي هش وجباية ضعيفة
ويشير التميمي إلى أن هناك فرصًا كبيرة لزيادة الإيرادات غير النفطية، من خلال إصلاح النظام الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية، خصوصاً على القطاعات غير الرسمية، التي تمثل نسبة كبيرة من الاقتصاد لكنها لا تسهم فعلياً في تمويل الدولة.
كما يؤكد على أهمية ضبط المنافذ الحدودية التي تعاني من الفساد والتهريب، وتفعيل آليات الجباية على خدمات الدولة مثل الكهرباء والماء والبلديات، بما يضمن العدالة ويمنع الهدر.
أزمة بنيوية تتجاوز الأرقام
لا يمكن النظر إلى العجز المالي بوصفه رقمًا محاسبيًا فقط، بل هو نتيجة مباشرة لخلل بنيوي أعمق في هيكلية الاقتصاد العراقي، القائم على النفط كمصدر وحيد تقريبًا، مع غياب القطاع الخاص المنتج، وتراجع الاستثمار في القطاعات الزراعية والصناعية، التي كان يمكن أن توفر آلاف الوظائف وتقلل فاتورة الاستيراد.
ويحذر مختصون من أن استمرار هذه البنية الريعية، سيبقي العراق عرضة للصدمات الخارجية، خصوصاً في حال انخفاض أسعار النفط، ما سيقود البلاد إلى مزيد من التبعية الاقتصادية والعجز المتراكم.
الإنفاق.. الثغرة الأكبر
يرى خبراء أن أي معالجة للعجز المالي يجب أن تبدأ من ضبط الإنفاق العام، الذي يستهلك الجزء الأكبر من الموازنة. ويطالبون بمراجعة بنود الرواتب والمخصصات، وتحديدًا تلك التي تُصرف لشرائح غير منتجة، إضافة إلى تقنين المشاريع الاستثمارية التي تُدرج أحياناً بدوافع سياسية أو انتخابية.
ويؤكدون أن الدعم العشوائي لا يمكن أن يستمر، ويجب استبداله بدعم موجه للفئات المستحقة فقط، باستخدام تقنيات رقمية وقواعد بيانات حديثة تضمن العدالة والفعالية.
إصلاح أم مزيد من القروض؟
العراق اليوم، بحسب المراقبين، أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما إصلاح اقتصادي شامل يعالج الخلل في الإيرادات والنفقات، ويعيد بناء الاقتصاد على أسس إنتاجية حقيقية.
أو الاستمرار في الترقيع المؤقت عبر القروض الداخلية والخارجية، التي تستهلك مستقبل الأجيال القادمة وتزيد من عبء الدين العام.
التميمي يرى أن أحد أبرز الحلول يكمن في إعادة تفعيل صندوق ضبط الاستقرار المالي (الصندوق السيادي)، وتوجيه فوائض النفط إليه في فترات الوفرة، لاستخدامها في الأزمات. كما يدعو إلى محاربة الفساد المالي والإداري، وتفعيل دور ديوان الرقابة المالية، وبقية المؤسسات الرقابية، بما يعيد الثقة بإدارة المال العام.
وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، يرى محللون أن العراق لا يزال يمتلك مقومات النهوض، إذا ما توفرت الإرادة السياسية لإجراء إصلاحات حقيقية، تبدأ من تغيير فلسفة الموازنة العامة، وتمر عبر تنمية الموارد الذاتية وتطوير القطاع الخاص، وتنتهي بـ خطة وطنية شاملة للخروج من نفق الاقتصاد الريعي.
أما استمرار النهج الحالي، فليس سوى وصفة مضمونة لمزيد من الأزمات والانهيارات، التي سيدفع ثمنها المواطن البسيط أولاً وأخيراً.