تشهد العاصمة بغداد وعددٌ من المحافظات العراقية موجةً مبكرةً من النشاط الانتخابي غير المسبوق، حيث افتتح العديد من الأشخاص الذين ينوون الترشح للانتخابات المزمع اقامتها هذا العام 2025 عشرات المكاتب الانتخابية داخل الأحياء السكنية.
وعلى الرغم من أن موعد انطلاق الدعايات الانتخابية لم يطرَح رسميًا بعد، إلا أن هذه التحركات تكشف عن استعدادات مبكرة تعكس حمى تنافس سياسي محتدم في غياب أي إشارة رسمية من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وبدأ عددٌ من السياسيين وأحزابهم منذ أسابيع بالترويج لبرامجهم الانتخابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ناشرين صوراً لجولاتهم الميدانية ومقتطفات من خطاباتهم التي تتعهد بتقديم خدمات مستقبلية، وهذا النشاط الإلكتروني تَرافق مع إطلاق صفحات تفاعلية تهدف إلى استقطاب جمهور من مناطق ريفية وزراعية محرومة من الخدمات الأساسية.
ويشير خبراء قانونيون إلى أن إطلاق صفة "مرشحين" على هؤلاء مبكرٌ وغير قانوني، لأن العملية الانتخابية لم تبدأ رسميًا بعد، ما يجعل تحركاتهم أقرب إلى حملات دعائية غير رسمية تستغل الفراغ القانوني.
زيارات لمناطق مهمّشة
اتجه عددٌ من السياسيين إلى إطلاق زيارات ميدانية إلى المناطق الزراعية وأطراف بغداد، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الخدمات، وهذه الزيارات غالبًا ما تكون موسمية ومقترنة بموسم الانتخابات، كما يؤكد عددٌ من سكان المناطق الريفية الذين اعتادوا على سماع وعودٍ مشابهة منذ انتخابات 2005 دون تنفيذ فعلي.
وعلى الرغم من أن بعض الأهالي استفادوا من هذه الزيارات عبر لفت الأنظار إلى مشاكلهم، إلا أن معظمهم يدرك أن الوعود سرعان ما تتلاشى فور انتهاء الحملات الانتخابية.
مكاتب تزعج السكان
الناشط والحقوقي علي بهجت يؤكد أن انتشار هذه المكاتب الانتخابية داخل الأحياء السكنية أصبح ظاهرة مزعجة، إذ تسبب ضجيجًا وازدحامًا يوميًا نتيجة توافد الضيوف وإقامة الفعاليات.
وأضاف: "شهدنا السيناريو نفسه في الانتخابات السابقة، حيث فتحت عشرات المكاتب أبوابها لاستقبال الأهالي، وتقديم وعود كثيرة بتحسين الواقع المعيشي، لكن بمجرد إعلان النتائج، أُغلقت الأبواب واختفى أصحابها، تاركين وراءهم سكانًا محبطين وأزمات بلا حلول."
خبراء: واجهات للاستعراض
من جهته، يرى المحلل السياسي محمد غصوب أن ما يحدث اليوم يعكس خللاً عميقًا في العملية الانتخابية العراقية، ويقول: "نشهد آلاف المرشحين يفتتحون مكاتب بتكاليف خيالية تصل إلى ملايين الدنانير، لكنها في الحقيقة مجرد واجهات للاستعراض والنصب على المواطنين، إذ لا تقدم هذه المكاتب أي خدمات حقيقية، ومعظم الوعود التي تطلقها واهية، خصوصًا تلك المتعلقة بالتعيينات".
وأضاف أن "الانتخابات العراقية انزلقت خلال السنوات الأخيرة نحو المحاصصة العشائرية، حيث يرشح أبناء الشيوخ والعشائر أنفسهم وكأن البرلمان امتداد لمجالس الدواوين، فيما يبقى المواطن الخاسر الأكبر".