"البعث على الأبواب".. مخاوف من عودة "البعثيين" عبر استثناءات انتخابية خلف الكواليس

اليوم, 17:30
1 465

وسط أجواء انتخابية محتدمة واستقطاب سياسي متصاعد، تبرز تحذيرات جدية من عودة حزب البعث المحظور إلى المشهد السياسي العراقي عبر "استثناءات مشبوهة" من إجراءات المساءلة والعدالة، فيما يصفه البعض بمحاولات اختراق مؤسسات الدولة و"انقلاب ناعم" على العملية الديمقراطية.


وتشير التقارير إلى استبعاد مئات المرشحين بسبب شمولهم بقانون "اجتثاث البعث"، في أكبر عملية تصفية انتخابية من هذا النوع خلال العقد الأخير، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي أشرفت على تدقيق ملفات أكثر من ثمانية آلاف مرشح، لم تُخفِ حجم الملفات المعقدة التي تواجهها، مع ازدياد الضغوط السياسية والإعلامية في هذا الملف الحساس.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



المالكي يدق ناقوس الخطر


رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وفي أحدث خطاب له، لم يُخفِ قلقه مما وصفه بـ"عودة الفكر البعثي"، محذرًا من تسلل عناصر الحزب المحظور إلى البرلمان عبر ما سماه "بوابات الاستثناء والتواطؤ"، مؤكدًا أن الانتماء إلى حزب البعث "جريمة لا تسقط بالتقادم"، ولا يمكن التغاضي عنها أو تبريرها تحت أي ظرف.


وأضاف أن أي تساهل في تطبيق القانون سيؤدي إلى "اختراق الدولة من بوابات التشريع، الأمن، والاقتصاد"، داعيًا إلى ضرورة التصدي الحازم لأي محاولات لإعادة تدوير شخصيات النظام السابق.


تسريبات وأسماء مشمولة


بحسب مصادر سياسية مطلعة، هناك أكثر من 500 مرشح مشمول بإجراءات المساءلة والعدالة، بينهم شخصيات سياسية بارزة ونواب سابقون وحاليون، في حين تؤكد الأوساط الرسمية أن العدد المعلن لا يتجاوز 20 مرشحًا حتى الآن، وسط تضارب في الإحصاءات، وقلق من وجود "صفقات سياسية" تجري خلف الكواليس.


الحديث عن "استثناءات" بدأ يثير الشكوك داخل الأوساط التشريعية، حيث كشف النائب المستقل ياسر الحسيني عن ضغوط تمارس على هيئة المساءلة والعدالة لإلغاء قراراتها بحق بعض المرشحين المحسوبين على أحزاب نافذة، محذرًا من تمرير هؤلاء إلى البرلمان من خلال تسويات مريبة.


رغم المحاولات السابقة لإغلاق ملف اجتثاث البعث وتحويله إلى القضاء – كجزء من الاتفاق السياسي لتشكيل حكومته – إلا أن هيئة المساءلة والعدالة رفضت تلك المحاولات، مشيرة إلى أن أرشيفها يضم ملايين الوثائق التي لا تزال قيد التدقيق، وأن عدد المشمولين بالإجراءات يتجاوز المليون، بينهم 25% من الأجهزة الأمنية السابقة.


كما شدّد مجلس القضاء الأعلى، في تموز الماضي، على ضرورة التدقيق الكامل في ملفات المرشحين، ومنع تسلل أي شخصية مرتبطة بالبعث إلى البرلمان المقبل.


▪ مؤامرة أم تحذير واقعي؟


النائب الحسيني لم يتردد في وصف تصاعد الحديث عن البعث بـ"المؤامرة المنسقة خارجيًا"، معتبرًا أن الأمر مجرد إجراء انتخابي يتكرر كل دورة، إلا أن مصادر داخل الهيئة، ومواقف المالكي، وأسماء المرشحين، كلها تعكس مشهدًا أكثر خطورة، حيث تتلاقى "الاستثناءات" مع محاولات منظمة لتمرير شخصيات بعثية إلى مؤسسات الدولة مجددًا.


العودة السياسية للبعث ليست نظرية مؤامرة، بل احتمال قائم في ظل وجود أكثر من مليون شخص خاضعين لقانون الاجتثاث، بعضهم يمتلك نفوذًا سياسيًا، وعلاقات، وأموالاً تمكنه من العودة بهويات أخرى، وبدعم قوى قد تكون داخلية أو خارجية.


ويرى مراقبون أن السكوت عن هذه التحركات يعني فتح الباب أمام عودة نظام لفظه العراقيون بدماء وأثمان باهظة، وعلى الدولة، والمفوضية، وهيئة المساءلة، والمجتمع المدني، التحرك العاجل لضمان عدم تكرار التاريخ – لكن هذه المرة بأقنعة جديدة، وواجهات "ديمقراطية".