أجِّلَ 3 مرات.. ملامح جديدة وتطورات تُميز التعداد السكاني عن التعدادات السابقة

09:58, 16/11/2024
1 008

يستعد العراق أخيرًا لإجراء التعداد السكاني الذي طال انتظاره في ظل الأزمات السياسية والأمنية التي مرّت بها البلاد على مدى العقدين الماضيين. ويُعدّ التعداد السكاني في العراق استحقاقًا وطنيًا هامًا يهدف إلى تزويد الحكومة بمعلومات دقيقة تُساهم في التخطيط التنموي وتوزيع الموارد، في وقت يعاني فيه البلد من تحديات اقتصادية وأمنية متزايدة.

 

خلفية تاريخية معقدة

التعداد السكاني في العراق كان من المفترض أن يُجرى كل عشرة أعوام، ولكن ظروفًا متعددة حالت دون تنفيذه. التعداد الأخير الذي أُجري في العراق كان في عام 1997، والذي شمل جميع المحافظات ما عدا مناطق إقليم كردستان، كما تم تأجيل التعداد في السنوات التي تلت ذلك بسبب الظروف الأمنية والسياسية في البلاد، بدءًا من عام 2007 حتى 2019. كانت الأزمات الأمنية، بما في ذلك ظهور تنظيم "داعش"، والنزاعات السياسية حول المناطق المتنازع عليها، سببًا في تأجيلات متعددة.


 

التعداد السكاني 2024: إشارات إلى تطور

سيتم تنفيذ التعداد السكاني في العراق في يومي الـ20 والـ21 من نوفمبر 2024، مع فرض حظر تجول عام لمدة يومين اعتبارًا من منتصف ليلة الثلاثاء، 19 نوفمبر، لحماية الفرق الميدانية التي ستتولى جمع البيانات في جميع أنحاء البلاد. من المتوقع أن يشارك آلاف الموظفين الحكوميين في جمع البيانات باستخدام الأجهزة الإلكترونية الحديثة، لتشمل الأسئلة تفاصيل دقيقة حول عدد أفراد الأسر، نوع الأعمال، الدخل الشهري، إضافة إلى بيانات طبية مثل عدد المرضى وكبار السن داخل كل أسرة.

 

ويُعتبر التعداد الحالي نقلة نوعية مقارنة بالتعدادات السابقة، حيث يشارك فيه جميع المحافظات العراقية، بما في ذلك المناطق المتنازع عليها بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان. وهذا التعداد، على عكس ما كان يحدث في السابق، لا يتضمن أسئلة حول المذهب أو القومية، في خطوة يراها العديد من الخبراء حلاً مناسبًا لتجنب إشعال التوترات الطائفية والقومية في البلاد.

 

إقليم كردستان: توجيه سياسي لطمأنة المخاوف

بالرغم من أن حكومة إقليم كردستان كانت قد أبدت مخاوف في البداية بشأن التعداد، خاصة فيما يتعلق بإمكانية التلاعب في تعداد المواطنين الأكراد في المناطق المتنازع عليها، إلا أن الحكومة الكردية وافقت في النهاية على المشاركة، بعدما تلقت ضمانات سياسية وأمنية من الحكومة المركزية في بغداد. وصرح كفاح محمود، مستشار رئيس حكومة إقليم كردستان، بأن التعداد ليس له توجه سياسي، بل يهدف إلى توفير بيانات تنموية، معتبرًا أن المخاوف تم تقليصها بشكل كبير.

 

البيانات وأهميتها في المستقبل

يتوقع المسؤولون العراقيون أن يسهم التعداد السكاني في توفير بيانات دقيقة تُساعد الحكومة في رسم سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. عبد الزهرة الهنداوي، المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، أوضح أن التعداد سيكشف عن أرقام أكثر دقة للسكان في البلاد، حيث يتوقع أن يتجاوز عدد العراقيين 44 مليون نسمة في نهاية عام 2024، ويُضاف إلى ذلك أن التعداد سيوفر للحكومة معلومات أساسية عن توزيع الموارد، مما يساهم في تحسين برامج الحماية الاجتماعية ومكافحة الفقر.

 

التعداد السكاني: تحديات وفرص

على الرغم من الأهمية الكبيرة التي يحملها التعداد السكاني في العراق، إلا أنه لا يخلو من تحديات. من أبرز هذه التحديات هي الحاجة إلى تحديث وتطابق البيانات مع السجلات الرسمية للدوائر الحكومية مثل سجلات الأحوال المدنية، وهو ما يستدعي التنسيق المستمر بين مختلف الوزارات والجهات المعنية. كما أن نجاح التعداد يحتاج إلى مشاركة فعالة من المواطنين في تقديم البيانات بدقة وشفافية.

 

وفي هذا السياق، قال علي عريان، المدير العام التنفيذي للتعداد السكاني، إن المرحلة الأولى من التعداد (تعداد المباني والعقارات) قد انتهت بنجاح، وها هي البلاد تتهيأ لإتمام المرحلة الأهم وهي تعداد السكان. وأشار إلى أن التعداد سيسهم في رسم خريطة استراتيجية لمواجهة التحديات المستقبلية، خاصة فيما يتعلق بتنمية البنية التحتية وتوزيع الموارد.

 

استنتاجات وتطلعات المستقبل

يمكن القول إن التعداد السكاني في العراق 2024 يمثل نقطة تحول في معالجة العديد من القضايا التنموية التي كانت تعيق تقدم البلاد في السنوات الماضية. في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية، يمثل التعداد فرصة للحكومة العراقية لتحسين استراتيجياتها وتوزيع مواردها بشكل أكثر فاعلية. ومن المهم أن يتم تنفيذ التعداد بسلاسة وشفافية، بما يضمن تمكين الحكومة من اتخاذ قرارات استراتيجية تدعم استقرار العراق ورفاهية مواطنيه في المستقبل.

 

 

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل