"الشرع" في قمة بغداد.. ملطخ بـ "دماء" العراقيين يعود على "السجادة الحمراء"!

اليوم, 12:11
982

غادر أحمد الشرع العراق عام 2011، وكان حينها معروفاً باسم "أبو محمد الجولاني"، ولم يكٌ يتوقع أنه قد يعود إلى هذا البلد على سجادة حمراء بصفته رئيساً لسوريا، لكن ثمة معطيات قد تمنع تحقق هذه العودة أبرزها الرفض العراقي من غالبية القوى السياسية وحتى الشعبية، فمنذ إعلان العراق استضافته القمة العربية في 17 أيارالحالي والأنظار كلها تتجه نحو شيء واحد، هل سيحضر الرئيس السوري إلى بغداد، ويشارك في هذه القمة؟

 

هناك انقسام وتصدع حتى داخل الطبقة السياسية العراقية نفسها بشأن تلك الإجابة، كذلك النخب، والعشائر، كلّ واحد من هؤلاء لديه إجابة مختلفة، وآخرون يبحثون عنها.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

دعوة مفروضة

 

يؤكد عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي عامر الفايز، أن دعوة الشرع إلى بغداد مفروضة على العراق، حيث إنها موجهة من قبل الجامعة العربية، ودور العراق يقتصر على القيام بالقضايا اللوجستية، ومنها إيصال الدعوات لجميع رؤساء العرب الأعضاء في الجامعة العربية باعتباره الدولة المضيّفة.

 

وكان مجلس وزراء الخارجية العرب قد أقرَّ في اجتماع طارئ عُقد بالقاهرة، في أيار 2023 عودة سوريا لمقعدها بـ"الجامعة العربية"، مُنهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها، صدر في تشرين الثاني 2011، وشارك الشرع في القمة العربية الطارئة بشأن فلسطين التي عُقدت في القاهرة في 4 آذار الماضي.

 

أما حضور الشرع إلى العراق من عدمه، فيؤكد الفايز، أن العراق ومن خلال واجبه، دعا الرئيس السوري إلى القمة، وحضوره يخصّه كما حال باقي الرؤساء، فهو قد يحضر وقد لا يسمح له الوضع الداخلي السوري بالحضور، وهنا قد يرسل وزير خارجيته مثلاً كما سيفعل بعض الرؤساء والملوك العرب.

 

وتدعم لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي دعوة الشرع إلى القمة ببغداد، وهو ما يبرهنه الفايز بالقول: "نحن كلجنة علاقات خارجية، نقدر هذا الموقف بالنسبة للحكومة باعتبار أنها مكلفة بتوجيه الدعوات إلى جميع الرؤساء العرب دون استثناء".

 

الفصائل لها رأي آخر

من المعروف، أن موقف فصائل المقاومة العراقية من دعوة الشرع مكلَّلة بالرفض القاطع، برهن ذلك الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، سبقه المسؤول الأمني لكتائب حزب الله أبو علي العسكري.

 

ففي 19 نيسان الماضي، كتب الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي تدوينة على منصة "إكس" حذر فيها من دخول الشرع إلى العراق قائلاً: إن "حضور رئيس النظام السوري الحالي إلى العراق يُعد سابقًا لأوانه، لأنَّه قد يؤدي إلى تداعيات إذا طُبِّق القانون واعتقاله من قِبَل القوات الأمنيَّة، نظراً لوجود مذكرة اعتقال نافذة بحقه، وعلى ضوء ذلك، وعملاً بمبدأ فصل السُلطات، يجب الالتزام بقرارات القضاء العراقيِّ واحترامها من الجميع".

 

وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في 16 نيسان الماضي توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، للمشاركة في القمة العربية التي ستُعقد في بغداد.

 

قبل تدوينة الخزعلي بيوم، كتب المسؤول الأمني لكتائب حزب الله أبو علي العسكري هو الآخر تدوينة عبّر فيها على نحو صريح رفضه حضور الشرع إلى العراق قائلاً: "كانت القمم العربية تُعقد دون حضور الرئيس الأسد، ودون العراق أو ليبيا، وهي لن تتوقف قطعاً بسبب عدم حضور المدان (أبو محمد الجولاني) زعيم جبهة النصرة الإجرامية"، بحسب قوله.

 

أما عن لقاء السوداني بالشرع في قطر بوساطة قطرية، فيقول عنه عضو المكتب السياسي لحركة النجباء فراس الياسر: "بالتأكيد هناك إجماع عراقي رافض لأي لقاء مع الشرع من قبل أي شخصية تحمل موقعاً رسمياً في الدولة العراقية، ووفق القانون العراقي فإن الرجل مطلوب للقضاء العراقي، ومتهم بقتل العراقيين أيام العمليات الإرهابية".

 

وقال الياسر: "لا يحق لأي شخصية أو جهة تجاوز القانون العراقي والاستخفاف بدماء العراقيين، ولو صح الكلام أن لقاء السوداني بالشرع في الدوحة جرى تحت ضغط أمريكي وخليجي، فذلك يُعد انتكاسة في السياسة الخارجية العراقية".

 

وتابع "أتوقع أن هناك إجماعاً سياسياً وشعبياً رافضاً لحضور الجولاني في القمة، وغير مرحب به، ومن المفترض أن تفعل القضايا المثارة حوله".

 

والأحد، (27 نيسان 2025)، سلّم وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي أحمد فكاك البدراني، دعوة رسمية إلى الرئيس السوري أحمد الشرع للحضور إلى القمة العربية المقرر انعقادها في بغداد في السابع عشر من الشهر المقبل.

 

رفض مشروط

 

تنوعت أساليب الرفض لمجيء الشرع إلى العراق بتنوع طارحيها، فالنائب في البرلمان العراقي ثائر مخيف، وهو شيخ عشيرة أيضا، يرفض تلك الزيارة، لكن وفق شروط لعل أبرزها ثبوت "الإدانة الكبيرة" بحق الشرع.

 

وبهذا الصدد، قال مخيف إن "الشرع تسلّم منصبه بما يسمى بانقلاب على حكومته وهناك الكثير من الكلام واللغط عليه بأنه لديه أعمال عنف في العراق وصادرة بحقه مذكرات قبض فبالتالي نحن مع القانون ومع ما يصدر من القضاء باتجاه هذا الشخص".

 

وأضاف "إذا كان فعلاً هذا الرجل (الشرع) قام بأعمال وعليه مذكرة قبض فنحن لا نحترم أي شخص يسفك دماء أبنائنا؛ وبالتالي يأتي لتُفرش له السجادة الحمراء، ويحضر في المؤتمرات، وينظّر بسياسة الأمة العربية داخل العراق".

 

أكمل مخيف حديثه وإبداء رأيه بدعوة الشرع إلى العراق بالقول: "أنا أكون رافضاً لمجيء هذه الشخصية عندما تثبت عليه هذه الإدانة الكبيرة بأنه هو مَن فجّر ومَن قتل ومَن خطَّط".

 

وأكد أن "دعوة الشرع إلى القمة ليست من العراق، نعم أنا مع الرفض القاطع، ولست بصدد التبرير، لكن الدعوة جاءت من الجامعة العربية والعراق هو المضيف لهذا المؤتمر، وهنا أجدد التأكيد، نحن مع القضاء وما يقوله، فإذا ثبت أن الشرع لديه أعمال عنف وقتل وتدمير في بلدنا فنحن نرفض دخوله العراق رفضا باتا وقاطعا".

 

موقف العشائر

 

تُشكّل العشائر العراقية جزءاً أساسياً من المجتمع العراقي، إذ إنها حافظت على امتدادها وبقائها، على الرغم من الأزمات العديدة التي عصفت بالبلاد، وكان لها تأثير كبير في مجمل الأحداث السياسية والأمنية في العراق بدءاً من ثورة العشرين، مروراً بمرحلة ما بعد الاستقلال وصولاً إلى الغزو الأميركي (2003) ثم هبّتها لمواجهة تنظيم "داعش" في عام 2014 وما بعده، لذلك كان لها موقف الآن من دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى العراق.

 

لا يخفى على أحد، وجود شبه إجماع بالنسبة للعشائر الشيعية على رفض الزيارة، حتى إن "مجلس العشائر الموحدة في العراق والبصرة" دعا في 18 آذار الماضي إلى فتح باب التطوع لمواجهة "الجولاني" احتجاجاً على ما جرى من أحداث أمنية في الساحل السوري، وعبّر آخرون تابعون له رفضهم الصريح لزيارته إلى العراق.

 

أما الانقسام الحقيقي، فيظهر هناك داخل العشائر والشخصيات السُنية، فبعضها رحّب بزيارة الشرع إلى العراق مثل السياسي السابق البارز مشعان الجبوري الذي يدعم الشرع لدرجة يرفض تسميته بـ"الجولاني"، وقيادات أخرى لا تختلف مع رأي الجبوري مثل المستشار السياسي إبراهيم الدليمي الذي قال في لقاء متلفز قبل نحو أسبوع، إن "القيادات السنية ـ وأنا منهم ـ لا يملكون إشكالاً مع الشرع طالما لدينا حكومة منتخبة".

 

في نهاية المطاف، وفيما يخص مذكرة القبض على الرئيس السوري أحمد الشرع داخل العراق، فحتى إن وُجِدت، يستبعد عضو لجنة العلاقات الخارجية النائب في البرلمان العراقي عامر الفايز تنفيذها، ويؤكد أن الشرع في حال أتى، فإنه سيأتي وهو يتمتع بحصانة دولية كونه رئيس سوريا، ويدخل بضيافة العراق كضيف عربي لحضور القمة.