الوجوه تتغيّر والأسماء تتوارث.. أبناء يدخلون السباق الانتخابي نيابة عن آباء مستبعدين!
إصلاح القطاع المصرفي العراقي.. بين هشاشة البنية وضغوط الإصلاح الشامل
الزراعة في "غرفة الإنعاش".. العراق يواجه أخطر جفاف في تاريخه
قانون الحشد بين التعطيل والإقرار.. صراع سياسي على حساب المضحّين
ثمانية أشهر من الانتظار.. الموازنة "العالقة" تشل الاقتصاد وتضع الحكومة في دائرة الاتهام
في تطور غير مسبوق على الساحة الانتخابية العراقية، بات ما لا يقل عن ربع المرشحين مهددين بالإقصاء من سباق تشرين الثاني 2025، إثر حملة استبعادات وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ البلاد، وتشير التقديرات السياسية إلى إمكانية تجاوز عدد المبعدين حاجز الألف مرشح خلال الأسابيع الستة القادمة، في ظل استمرار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بتنفيذ عمليات تدقيق صارمة تطال ملفات جنائية وارتباطات "بعثية"، وسط حديث متصاعد عن مفاجآت قد تمس شخصيات من "الصف الأول".
ويُشترط في كل مرشح أن يكون حسن السيرة والسلوك، غير مشمول بإجراءات المساءلة والعدالة، ولا تلاحقه قضايا فساد أو جرائم مخلة بالشرف. كما يُمنع ترشيح القضاة، وأفراد القوات الأمنية، وأعضاء مجلس المفوضين الحاليين.
أول قوائم الإقصاء صدرت قبل نحو 3 أسابيع، وشملت اسمين من "تحالف البديل" في بغداد، هما: عصام العبيدي، والمحامية زينب جواد، بداعي "عدم استكمال المستمسكات".
ولم يكن هذا الاستبعاد الأخير، حيث طالت الإجراءات لاحقًا شخصيات معروفة، منها المحامية قمر السامرائي والنائب السابق حيدر الملا، بتهم تتعلق بـ"سوء السلوك"، إضافة إلى 104 مرشحين بتهم جنائية مختلفة، منها القتل والخطف وإطلاق النار والتزوير.
ورغم الاستبعاد، لجأ بعض السياسيين إلى ترشيح أبنائهم كبدائل، كما فعل السياسي المعروف أحمد الجبوري (أبو مازن)، الذي دفع بابنه "مازن" للترشح، وكذلك يزن الجبوري نجل النائب السابق مشعان الجبوري، ومهند الجبوري نجل محافظ نينوى السابق.
وفي سابقة نادرة، أكد سياسيون أن المفوضية هذه المرة تطبق القوانين بصرامة دون استثناءات. وقال النائب السابق حسن فدعم، عضو تيار الحكمة، إن "التفسيرات القانونية التي كانت تمنح فرصة للمرشحين المدانين لم تعد موجودة، وإن عملية الفرز هذه المرة أكثر عدالة ووضوحاً".
وأضاف أن "استبعاد الفاسدين والبعثيين خطوة مهمة لاستعادة ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية"، لكنه شدد على أن "العدالة يجب أن تكون شاملة، بعيدة عن أي تأثير سياسي أو تصفية حسابات".
ومن بين المستبعدين أيضًا قاضيان سابقان، من بينهم وائل عبد اللطيف، العضو السابق في مجلس الحكم، إضافة إلى القاضي عبد الأمير الشمري، الذي كان قد أصدر مذكرة قبض ضد وزير التجارة الأسبق عبد الفلاح السوداني عام 2009.
بدوره، انتقد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي استخدام ملف "المساءلة والعدالة" كسلاح سياسي، واصفاً إياه بـ"الصراع غير الشريف"، في إشارة إلى إمكانية استغلال القوانين لاستهداف المنافسين تحت غطاء قانوني.
في الجانب الآخر، يرى أثيل النجيفي، القيادي السني ومحافظ نينوى الأسبق، أن "استبعاد الشخصيات المؤثرة اجتماعياً قد يكون خطأً"، مشيراً إلى أن "لكل مرشح جمهور، حتى وإن كان سيئاً"، محذراً من أن "الإقصاء قد يؤدي إلى إحباط فئات اجتماعية واسعة".
ويحذّر مراقبون من أن كثرة الاستبعادات قد تعيد إنتاج الخريطة السياسية بطريقة غير متوقعة، وسط تحذيرات من استخدام هذه الإجراءات كوسيلة للإقصاء السياسي قبيل واحدة من أكثر الانتخابات حساسية في تاريخ العراق الحديث.
ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات العراقية السادسة في تشرين الثاني 2025، في ظل انقسام سياسي حاد، وبيئة انتخابية مشحونة، وتحالفات لا تزال تتشكل وتتبدل حتى اللحظة الأخيرة، وبحسب المفوضية، فإن ملف الاستبعاد سيُغلق نهائياً مطلع تشرين الأول، قبيل موعد الاقتراع بشهر، ما يترك مساحة واسعة لـ"المفاجآت الثقيلة" التي قد تُعيد رسم المشهد من جديد.