نزيف الطرق في العراق.. حوادث المرور تتصاعد وسط غياب الحلول الجذرية

اليوم, 10:42
1 090

شهد العراق في السنوات الأخيرة تزايداً مثيراً للقلق في عدد الحوادث المرورية، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية فادحة، في ظل ضعف البنية التحتية للطرق، وغياب التنظيم المروري، وتراجع الالتزام بالقوانين.

 

العديد من الطرق العامة تحوّلت إلى مصائد قاتلة تحصد أرواح المواطنين بشكل يومي، وسط غياب حلول جذرية لمواجهة هذه الأزمة المتصاعدة.


قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل

 

إحصائيات صادمة 

تُعد محافظتا ديالى وذي قار من أكثر المناطق تأثراً بالحوادث، نظراً لأهميتهما الجغرافية، إذ تمثل ديالى محور الربط بين بغداد ومحافظات الشمال، بينما تربط ذي قار العاصمة ببقية مدن الجنوب. وتشير تقارير رسمية إلى أن عدد الحوادث المرورية المسجلة في العراق خلال عام 2022 بلغ نحو 11,523 حادثاً، خلّفت 3,021 وفاة وأكثر من 12,600 إصابة، في حين ارتفعت في عام 2023 إلى 11,552 حادثاً، تسببت في وفاة 3,019 شخصاً، وإصابة أكثر من 12,300 آخرين. أما في النصف الأول من عام 2024، فقد شهد العراق ما يقارب 7 آلاف حادث، أسفر عن أكثر من ألف حالة وفاة و4,360 إصابة، مما يعكس استمرار الأزمة دون تراجع.

 

ديالى الأكثر تضرراً

 

وفي محافظة ديالى وحدها، تم تسجيل أكثر من 6,000 حادث منذ بداية عام 2025، بحسب مدير إعلام صحة ديالى فارس العزاوي، الذي أشار إلى أن هذه الحوادث أوقعت 320 حالة وفاة، و2,700 إصابة. وأوضح أن الطريق الدولي الرابط بين بغداد وكردستان العراق، خاصة عبر قضاء الخالص وناحية العظيم، يشهد كثافة سير عالية ويُعد من أخطر الطرق في البلاد. وتزداد الحوادث في الفترات المسائية نتيجة استخدام الهواتف أثناء القيادة، وانتشار الدراجات النارية غير المرخصة، والمركبات التي يقودها أطفال، بالإضافة إلى تردي حالة الطرق.

 

وفي الجنوب، تعاني محافظة ذي قار من تحديات مشابهة. مدير مستشفى الناصرية التعليمي، الدكتور مصطفى جلود، أشار إلى أن المستشفى استقبل أكثر من 450 إصابة ناتجة عن حوادث مرورية خلال شهر مارس/آذار فقط، فيما تم تسجيل أكثر من 200 إصابة خلال عطلة عيد الفطر بسبب زيادة الحركة المرورية. وقد تطلب الأمر استنفاراً تاماً من الكوادر الطبية لمواجهة الأعداد الكبيرة من المصابين، الذين تنوعت إصاباتهم بين كسور، ونزيف داخلي، وإصابات خطيرة استدعت التدخل الجراحي الفوري أو التحويل إلى مراكز طبية أخرى.

 

من جانبهم، عبّر عدد من السائقين عن معاناتهم اليومية من تدهور الطرق الخارجية وقلة الصيانة. يقول محمود الجبوري، وهو سائق نقل يعمل بين الأنبار وإقليم كردستان، إن الطرق أصبحت أشبه بمصائد موت، تعج بالحفر وتفتقر إلى الإشارات المرورية، مضيفاً أن محاولات تفادي هذه الحفر كثيراً ما تنتهي بحوادث مميتة. 

 

وأكد أن "العديد من زملائه فقدوا حياتهم أو أُصيبوا بإعاقات دائمة، دون وجود أي تحرك حكومي ملموس".

 

وفي السياق نفسه، أشار سائق الشاحنة حسين التميمي إلى أن الطرق الممتدة من موانئ البصرة إلى بغداد باتت تُعد من أخطر المسارات، خاصة طريق كربلاء – بغداد، الذي يفتقر للتنظيم المروري والإشارات التحذيرية، ويشهد حوادث يومية. ولفت إلى غياب الوعي المروري بين بعض السائقين، وقيادة المركبات من قبل مراهقين، في ظل انعدام الرقابة.

 

الحلول المقترحة لتقليل الحوادث

من جانبه، أوضح رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، أن أسباب الحوادث تعود لعوامل عدة، أبرزها تهالك الطرق، وغياب متطلبات السلامة مثل السياج الأمني، وعدم وجود علامات مرورية واضحة، إلى جانب سلوكيات السائقين الخاطئة مثل السرعة الزائدة، وتجاهل ارتداء حزام الأمان، واستخدام الهاتف أثناء القيادة. كما أشار إلى أن بعض المركبات تفتقر لأدنى معايير السلامة، وتُقاد أحياناً من قبل أطفال أو دون رخص قيادة.

 

واقترح الغراوي حزمة من الإجراءات للحد من الحوادث، من بينها نصب كاميرات مراقبة على الطرق، وفرض غرامات مشددة على المخالفات، وإنشاء طرق سريعة بمعايير عالمية، مع تفعيل الفحص الدوري للمركبات، ومنع قيادة الأحداث، وتكثيف حملات التوعية المرورية لضمان سلامة مستخدمي الطرق.