"تعنّت" أربيل يعمّق أزمة الرواتب.. بغداد ترفض "الابتزاز" والايرادات خارج السيطرة

اليوم, 11:16
1 083

تتعمّق أزمة الرواتب في كردستان، مع استمرار حكومة الإقليم بعدم تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية، خلافًا لما تم الاتفاق عليه في قانون الموازنة الاتحادية، هذا التعنّت السياسي والإداري من جانب أربيل جعل أكثر من مليون موظف في الإقليم يعيشون دون رواتب منذ أكثر من شهرين، وسط صمت رسمي وإحباط شعبي متزايد.

 

وعلى الرغم من إعلان رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، أن الحل قريب، إلا أن الحقائق على الأرض تؤكد أن حكومة الإقليم لم تلتزم بتسليم الإيرادات وفق ما نص عليه قانون الموازنة، ما دفع بغداد إلى التريث في تحويل تمويل رواتب أيار/مايو، بعد تحويل رواتب نيسان في 13 أيار. وكان متوقعاً من أربيل أن تفي بتعهداتها قبل المطالبة بأي تمويل جديد.


 

أزمة ثقة

 

وزارة المالية الاتحادية، التي حوّلت رواتب نيسان بناءً على وعود الإقليم، وجدت نفسها أمام أزمة ثقة، إذ لم تلتزم حكومة الإقليم بتسليم عائداتها المحلية ولا صادراتها النفطية، وفق الآلية المنصوص عليها. الأمر دفع بغداد للتشدد في أي تمويل لاحق، حفاظًا على المال العام وتطبيقًا لمبدأ العدالة بين المحافظات.

 

موظفو الإقليم دخلوا يومهم الـ62 دون استلام راتب أيار، فيما تحمّل حكومة الإقليم المسؤولية للحكومة الاتحادية، في محاولة لتضليل الرأي العام وتسييس الملف، بينما الواقع يؤكد أن الأزمة بدأت منذ توقّف الإقليم عن تسليم الإيرادات، وهو ما يعطّل الإجراءات الاتحادية القانونية في صرف المخصّصات.

 

ورقة سياسية خاسرة

 

وسط هذا التوتر، تدرس الأحزاب الحاكمة في الإقليم الانسحاب من الانتخابات المقبلة كورقة ضغط على بغداد، مستغلّة معاناة المواطن الكردي. مصادر كشفت أن هذا التلويح ليس سوى محاولة للتهرب من الالتزامات القانونية التي رفض الإقليم تطبيقها منذ إقرار الموازنة.

 

من أبرز النقاط الخلافية، استمرار الإقليم في تعطيل تصدير نفطه عبر شركة "سومو" الوطنية، وعدم تسليم العائدات، بحجة خلافات مع الشركات الأجنبية حول تكلفة الإنتاج. بينما تؤكد الحكومة الاتحادية أن السعر محدد قانوناً بـ16 دولاراً للبرميل، والإقليم مطالب بالالتزام بذلك لا فرض شروط جديدة.

 

مستشارون حكوميون أكدوا أن مجلس الوزراء الاتحادي بصدد التصويت على مسودة اتفاق جديد، يشمل الرواتب والنفط والإيرادات، شريطة التزام أربيل الكامل ببنود قانون الموازنة، الجلسة المرتقبة يوم الثلاثاء قد تكون مفصلية، لكن تنفيذ الاتفاق مرهون بما إذا كانت حكومة الإقليم ستفي أخيرًا بوعودها.

 

احتجاجات شعبية تتسع

 

في السليمانية وعدة مناطق، تصاعد الغضب الشعبي نتيجة تأخير الرواتب، مع خروج تظاهرات طالبت بإنهاء الأزمة ومحاسبة المسؤولين. غير أن قوات الأمن في الإقليم قمعت هذه الاحتجاجات واعتقلت عدداً من منظّميها، ما زاد من حدة التوتر الاجتماعي.

 

المحلل السياسي عبد الكريم بنجويني رأى أن حكومة الإقليم فقدت مصداقيتها بسبب فشلها المتكرر في الالتزام بالاتفاقات مع بغداد، لافتًا إلى أن الضغوط الدولية بدأت تتزايد على أربيل لتسوية ملف الإيرادات والرواتب، بعد أن تسببت بخلق أزمة إنسانية خانقة داخل الإقليم.

 

وتبقى الأنظار موجهة إلى جلسة مجلس الوزراء العراقي يوم الثلاثاء، والتي قد تشهد التصويت على الاتفاق النهائي. لكن حل الأزمة فعليًا، يظل مرهونًا بقرار سياسي من أربيل، فإما الالتزام الكامل ببنود الاتفاقات السابقة، أو استمرار الأزمة، ومعها معاناة المواطنين الذين وجدوا أنفسهم ضحية حسابات حزبية ضيّقة.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل