أزمة المقاطعة تهدد الانتخابات.. انشقاقات مرتقبة و"أحزاب ظل" تستعد خلف الكواليس

أمس, 16:27
1 052

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني 2025، يتصاعد الجدل داخل الأوساط الشيعية السياسية بشأن تداعيات الانسحابات المتكررة، وما يُتوقع أن تفرزه هذه المقاطعة من تحولات غير تقليدية، قد تُعيد رسم خارطة التمثيل السياسي في العراق. 


فبينما أعلن عدد من الأطراف الشيعية، أبرزها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، عدم مشاركتهما في الانتخابات، تشير توقعات من داخل البيت الشيعي إلى احتمالية بروز شخصيات "طموحة" من داخل القوى المقاطعة، تسعى لتأسيس قوى بديلة أو ما يُعرف بـ"أحزاب الظل"، تضمن من خلالها البقاء في المشهد السياسي دون الاصطدام بخطاب المقاطعة العلني.

قناة سنترال على منصّة التلغرام.. آخر التحديثات والأخبار أولًا بأوّل



هذا المشهد المعقّد يثير أسئلة ملحة عن مدى تأثير هذه الانسحابات على شرعية الانتخابات ومخرجاتها، في ظل مؤشرات متزايدة على تراجع الثقة الشعبية بالعملية السياسية، والتي قد تؤدي إلى عزوف جماهيري واسع.


وتُجمع أطراف سياسية شيعية على أن مشهد "المقاطعة الانتخابية" بلغ ذروته، وأن ما سيليه ليس مزيدًا من الانسحاب، بل انشقاقات داخلية محتملة، وتشكّل قوى بديلة قد تتخفّى تحت مسميات جديدة.


ويبدو أن ما بدأ كخطوة اعتراضية من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، سرعان ما تحوّل إلى كرة ثلج تتدحرج داخل القوى الشيعية، بعد إعلان رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي انسحابه، متذرعًا بتغلغل المال السياسي وغياب العدالة التنافسية.


وبينما التزم "الإطار التنسيقي" الصمت تجاه انسحاب العبادي، فإن دوائر سياسية مقرّبة منه ترى أن ما يحصل ليس سوى البداية، إذ رجّح قياديون أن بعض الشخصيات المنسحبة، خصوصًا من يمتلك قواعد شعبية حقيقية، لن تترك الساحة كليًا، بل ستسعى للعودة عبر تشكيلات جديدة تمثلها أو تتحدث باسمها.


رحيم العبودي، عضو تيار الحكمة، قلّل من أهمية المقاطعة من حيث تأثيرها العملي، مشيرًا إلى أن بعض الانسحابات لا تتعدى كونها "مواقف إعلامية مستنسخة"، فيما أشار إلى أن المشهد السياسي مقبل على تغييرات من داخل قوى المقاطعة نفسها، عبر "أحزاب ظل" أو تشكيلات سياسية بديلة، تخوض الانتخابات دون الاصطدام بموقفها العلني السابق.


في المقابل، يذهب الباحث السياسي باسل حسين إلى أن حجم التأثير لا يمكن قراءته من زاوية النخب السياسية فقط، بل من خلال المزاج الشعبي العام. ويرى حسين أن استمرار العزوف الشعبي، في ظل نسب مشاركة متدنية تاريخيًا منذ عام 2005، قد يُفقد العملية الانتخابية معناها التمثيلي، ويُفرغ النتائج من مضمونها السياسي.


وبحسب إحصاءات المفوضية، فقد تراجعت نسب المشاركة في الانتخابات التشريعية من 76% عام 2005 إلى 41% فقط في انتخابات 2021، في مؤشر يُعبّر عن اتساع الهوة بين المواطن والمؤسسة الانتخابية.


ويُحذر مراقبون من أن الإصرار على تجاهل هذه التحولات قد يُنتج برلمانًا هشًّا من حيث التمثيل، ما يعيد إنتاج الأزمات بدل حلها، ويُعمّق من هشاشة النظام السياسي القائم.


وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن الانسحاب الانتخابي في العراق لا يمثّل دائمًا سلوكًا سلبيًا، بل بات يُستخدم كأداة ضغط سياسي وتكتيك تفاوضي، خصوصًا في بيئة انتخابية توصف بأنها مغلقة ومتحكّم بها من قِبل مراكز نفوذ تقليدية.


وبينما تستعد المفوضية العليا للانتخابات لتنظيم اقتراع نيابي جديد في نوفمبر المقبل، لا تزال الأسئلة مطروحة بشأن مدى تمثيلية هذه الانتخابات، وما إذا كانت ستُسهم فعلًا في تثبيت شرعية النظام السياسي أم ستدفعه إلى مزيد من الانقسام.