قائمة السفراء الجدد.. "توريث" المناصب يضرب السلك الدبلوماسي
التوك توك.. من حلم الفقراء إلى كابوس المدن العراقية
بين الاعتماد الخارجي والعجز الداخلي.. العراق يواجه امتحان الطاقة الأصعب
عاصفة الاستبعادات تفتح باب المخاوف.. تطبيق للقانون ام مخاوف لتقويض حرية التعبير؟
المفوضية تشهر مقصلتها.. قتلة وسرّاق خارج سباق البرلمان
في سابقة تعيد إلى الواجهة إشكالية تقاسم المناصب وتوريث السلطة، صوّت البرلمان العراقي، أول أمس الثلاثاء، على قائمة مكونة من 91 سفيرًا جديدًا مرشحين من قبل رئاسة الوزراء، وسط عاصفة من الجدل النيابي والشعبي.
جلسة جدلية بلا نصاب قانوني
شهدت جلسة التصويت على تعيين السفراء خروقات دستورية واضحة وفقًا لعدد من النواب، الذين أكدوا أن البرلمان لم يحقق النصاب القانوني اللازم لعقد الجلسة. رغم ذلك، تم تمرير القائمة دون عرض السير الذاتية للمرشحين على المجلس، ما دفع نوابًا لوصف الجلسة بـ"المعيبة والمخالفة للقوانين النافذة".
النائب أرشد الصالحي قال صراحة إن الجلسة "تم تمريرها قسرًا" في مخالفة للقانون الداخلي للبرلمان، مضيفًا أن تمرير القوانين والقرارات بات يتم بـ"طريقة السلك" – في إشارة إلى التمرير السريع دون نقاش أو مراجعة.
محاصصة حزبية وتوريث سياسي
من أصل 91 اسمًا، كشفت التحقيقات البرلمانية والإعلامية أن الغالبية الساحقة من السفراء الجدد تم ترشيحهم وفق نظام المحاصصة الحزبية، وتربطهم صلات قرابة مباشرة مع شخصيات نافذة في الدولة، ومن بين أبرز الأسماء: نجل رئيس البرلمان محمود المشهداني ونجل السياسي مشعان الجبوري وأحد المقربين من زعيم حركة بابليون ريان الكلداني
النائب زهير الفتلاوي أكد في تصريحات صحفية أن "75% من القائمة اعتمدت على الولاءات السياسية والمحاصصة، وليس على الكفاءة أو الخبرة الدبلوماسية"، واصفًا الأمر بـ"الفضيحة الوطنية" التي تنتهك قوانين السلك الدبلوماسي العراقي.
الباحث السياسي غانم العابد وصف ما حدث بأنه "مهزلة كبرى"، مشيرًا إلى أن بعض الأسماء ضمن القائمة الجديدة عليها ملفات فساد أو اتهامات سابقة، بل إن بعضهم سبق أن تم طرده من العمل في البعثات الدبلوماسية.
وأكد العابد أن "من يمثل العراق اليوم في الخارج، يمثل جمهورية تحولت إلى جمهورية تحكمها عقلية ملكية قائمة على التوريث والمحسوبية"، محذرًا من تداعيات كارثية على صورة العراق الخارجية.
تبريرات حكومية لا تُقنع الشارع
في المقابل، دافعت الحكومة العراقية عن الخطوة، معتبرة أن التصويت على قائمة السفراء يمثل خطوة نحو "الإصلاح الإداري" وملء الشواغر الدبلوماسية التي بقيت بلا تعيين رسمي منذ أكثر من 15 عامًا.
إلا أن رئيس رابطة المحللين السياسيين، هادي جلو مرعي، رأى أن هذا التعيين "ليس غريبًا في نظام قائم بالكامل على المحاصصة"، مرجحًا أن الاعتراضات قد تكون صادرة من أطراف لم تنل حصتها من الكعكة الدبلوماسية.
وتمر الدبلوماسية العراقية اليوم بمنعطف حاد، حيث تتقاطع التحديات القانونية مع أزمة ثقة متنامية في مؤسسات الدولة، تعيين سفراء لا يملكون مؤهلات دبلوماسية، ويُشتبه بارتباطهم بقضايا فساد أو محسوبية، يُنذر بانهيار المنظومة التمثيلية للعراق في الخارج، بل إن الأمر يطرح تساؤلات أوسع حول مستقبل المؤسسات العراقية: هل يمكن إصلاح الدولة في ظل تفشي المحاصصة؟